تخطى إلى المحتوى

تكامل تقنيات تحلية المياه، تقليل الكربون، والهيدروجين وتمكينهم من خلال الطاقة المتجددة

تعتبر تحديات توفير مصادر مياه نظيفة وطاقة المستدامة وتقليل انبعاثات الكربون من أكبر التحديات التي يواجهها العالم اليوم. فيما يلي نظرة عامة على تلك العمليات وكيفية جعل هذه العملية متكاملة ومستدامة:

تقنية التخزين الجيولوجي لثاني أكسيد الكربون (CCS) تستخدم لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة من مصادر مختلفة، مثل محطات توليد الكهرباء ومصانع الأسمدة ومصانع الأسمنت. تعتمد تقنية CCS على التقاط ثاني أكسيد الكربون من مصدره الرئيسي، ثم تخزينه تحت الأرض في تكوين يسمى “التكوين الجيولوجي”. تشمل هذه التكوينات الصخور الرسوبية وحقول الغاز الطبيعي والنفط، يمكن استخدام آبار النفط والغاز القديمة لتخزين ثاني أكسيد الكربون (يتوفر حوالي 500 بئر نفطي ممكنة لتخزين ثاني أكسيد الكربون بسعة أكثر من 25 جيجا طن، يستقبل حقل العثمانية 800 ألف طن سنويا من ثاني أكسيد الكربون). تعتبر تقنية CCS مفيدة وتساعد على تقليل الانبعاثات الضارة للغازات الدفيئة، وبالتالي الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري وتقليل تأثير التغيرات المناخية السلبية. تخزين ثاني أكسيد الكربون في آبار النفط القديمة يعزز من عمليات استخراج النفط وزيادة إنتاجية الآبار النفطية وتقليل تكلفة استخراج النفط. تواجه تقنية  CCS بعض التحديات ، مثل تكاليف التخزين والنقل والتكنولوجيا المتقدمة المطلوبة لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى حالة يمكن تخزينها. كما يجب التأكد من عملية التخزين بأمان وعدم تسرب ثاني أكسيد الكربون إلى البيئة، يتطلب ذلك العمل بأعلى معايير السلامة والجودة مما يشكل بعض التحديات. على الرغم من ذلك، فإن تقنية CCS تعد من أهم الطرق المهمة لتحقيق الاستدامة البيئية والتخفيف من تأثير الانبعاثات الضارة على البيئة والمناخ، كما يتم العمل على تطويرها وتحسينها باستمرار لتحقيق أقصى قدر من الفوائد البيئية والاقتصادية.

في المقابل، يتيح مسار تعدين ثاني أكسيد الكربون تحويل الغازات إلى معادن ثابتة بيئياً. يمثل هذا النهج ميزة بتخزين الكربون كمعادن على سطح الأرض مقارنة بتقنيات التقاط وتخزين الكربون التقليدية التي تخزن الكربون تحت الأرض. يمكن أن تتيح تكنولوجيا تعدين الكربون فرصة للمملكة العربية السعودية لتحويل مخلفات تحلية المياه إلى منتجات مستدامة. يعتبر استخدام الأملاح الناتجة عن محطات تحلية المياه في المملكة العربية السعودية مورداً قيماً لمسار تعدين ثاني أكسيد الكربون. كما يمكن تطبيق تقنيات تعدين الكربون في قطاعات الصناعة المركزة مثل صناعة الأسمنت والخرسانة. يمكن القيام بذلك عن طريق تفاعل ثاني أكسيد الكربون مع المعادن الأرضية القلوية (مثل الكالسيوم والمغنيسيوم) أو مع أكاسيد المعادن أو أي مصادر للكالسيوم أو المغنسيوم من مياه أملاح البحر أو من مياه استخراج النفط عن طريق توفير الظروف القلوية المناسبة لهذه العملية. يمكن توفير ذلك عن طريق استخدام المحلل الكهربائي وإنتاج الهيدروكسايد اللازم لظروف القلوية.

اعتبارًا من عام 2022 ، بلغت قدرة المملكة العربية السعودية على تحلية المياه أكثر من 6.6 مليون متر مكعب في اليوم. وهذا يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم. بناء على سعة محطات تحلية المياه في المملكة يمكن استخلاص حوالي 3,355 طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً من خلال تحويل الكالسيوم والمغنيسيوم الناتجة من المحطات إلى كربونات الكالسيوم (CaCO3) وكربونات المغنيسيوم (MgCO3). يعتمد هذا الرقم على التقديرات والظروف الفعلية قد تختلف.

يمكن بعد ذلك استخدام معادن الكربونات الناتجة في صناعة الأسمنت والخرسانة الخضراء. يتم تصنيع الأسمنت الأخضر عن طريق استبدال بعض أو كل الأسمنت البورتلاندي التقليدي بمادة معدنية من ثاني أكسيد الكربون. يمكن أن يقلل هذا من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بإنتاج الأسمنت بنسبة تصل إلى 50٪. يتم تصنيع الخرسانة الخضراء باستخدام الأسمنت الأخضر والمواد المستدامة الأخرى ، مثل الركام المعاد تدويره والرماد المتطاير.

فيما يلي شرح مبسط للعملية:

  1. يتم التقاط ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي أو من الانبعاثات الصناعية.
  2. ثم يتفاعل ثاني أكسيد الكربون مع فلز قلوي أرضي أو أكسيد فلز لتكوين معدن كربوني أو عن طريق عملية التحليل الكهربائي إنتاج الهيدروكسايد
  3. ثم يتم استخدام معدن الكربونات في صناعة الأسمنت الأخضر أو الخرسانة.

أخيرأ، مكن إنتاج الهيدروجين عن طريق نفس المحلل الكهربائي (عن طريق مصدر طاقة نظيف ومتجدد)

تتقاطع تقنيات تحلية المياه وامتصاص ثاني أكسيد الكربون وإنتاج الهيدروجين بشكل مبتكر عند استخدام أملاح البحر وعملية التحليل الكهربائي. هذا التقاطع يمكن أن يؤدي إلى تعزيز الاستدامة والكفاءة في استخدام الموارد والطاقة المتجددة. إليك كيفية عمل هذه التقنية المتكاملة:

  1. استخدام أملاح البحر: يتم استغلال أملاح البحر كمصدر طبيعي للأيونات والمعادن اللازمة لعملية تعدين الكربون وتحليل المياه الكهربائي. تشمل هذه الأملاح مثل ملح الطعام (صوديوم كلورايد) والكالسيوم كلورايد والماجنيسيوم كلورايد.
  2. عملية التحليل الكهربائي: يتم استخدام عملية التحليل الكهربائي لتحليل الماء إلى هيدروجين ، وفي نفس الوقت إنتاج الهيدروكسيد الأيوني المطلوب لتعدين ثاني أكسيد الكربون.
  3. تفاعل ثاني أكسيد الكربون مع الأملاح: يتم ذوبان ثاني أكسيد الكربون في الماء، ومن ثم تفاعله مع الأملاح المستخرجة من البحر. هذا التفاعل يؤدي إلى تكوين مركبات مثل كربونات المغنيسيوم وكربونات الكالسيوم.
  4. إنتاج الهيدروجين: يمكن إنتاج الهيدروجين من نفس المحلل الكهربائي المستخدم في التحليل الكهربائي للمياه. هذا يجعل العملية أكثر كفاءة واستدامة.
  5. استخدام الطاقة المتجددة: في جميع مراحل هذه العملية المتكاملة، يتم استخدام الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية أو الرياح، لتوفير الطاقة اللازمة للتحليل الكهربائي وتسهيل عمليات تعدين الكربون وإنتاج الهيدروجين.

بهذه الطريقة، يمكن تحقيق تكامل مستدام بين تحلية المياه وامتصاص ثاني أكسيد الكربون وإنتاج الهيدروجين باستخدام أملاح البحر وعملية التحليل الكهربائي، مما يعزز الاستدامة والكفاءة في استخدام الموارد والطاقة المتجددة.

 

 

المصادر:

Kim C, Kim J, Joo S, Bu Y, Liu M, Cho J, Kim G. Efficient CO2 Utilization via a Hybrid Na-CO2 System Based on CO2 Dissolution. iScience. 2018 Nov 30;9:278-285. doi: 10.1016/j.isci.2018.10.027. Epub 2018 Nov 1.

https://www.constructionequipmentguide.com/team-looks-to-turn-co2-into-pre-fab-concrete/45903

[https://maaal.com/archives/202302/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D9%83%D8%A8%D8%B1-%D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AC-%D9%84%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A7%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%84%D8%A7%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D9%84/]

Saline Water-Based Mineralization Pathway for Gigatonne-Scale CO2 Management
Erika Callagon La Plante, Dante A. Simonetti, Jingbo Wang, Abdulaziz Al-Turki, Xin Chen, David Jassby, and Gaurav N. Sant
ACS Sustainable Chemistry & Engineering 2021 9 (3), 1073-1089
DOI: 10.1021/acssuschemeng.0c08561

Alturki, Abdulaziz. 2022. “The Global Carbon Footprint and How New Carbon Mineralization Technologies Can Be Used to Reduce CO2 Emissions” ChemEngineering 6, no. 3: 44. https://doi.org/10.3390/chemengineering6030044

كاتب

  • د.عبدالعزيز علي التركي

    أستاذ مساعد بالهندسة الكيميائية بتخصص دقيق في المحفزات والنمذجة والمحاكاة وتكثيف عمليات الهندسة الكيميائية لتطوير الطاقة المستدامة.

    View all posts