منذ ثلاثة عقود ظهر مفهوم جديد لترشيد الطاقة يعتمد على مبدأ “الأكثر كفاءة والأقل تكلفة”، وبدأ هذا المفهوم المرتبط بترشيد الطاقة والمحافظة عليها وتحسين كفاءة الاستخدام في التبلور والتطور والتوسع والانتشار في معظم دول العالم، وبالإضافة إلى ذلك برز توجه هام ومؤثر على إستراتيجيات الطاقة يتمثل في ضرورة المحافظة على البيئة وحمايتها من التلوث والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري وتخفيض تركيز غاز ثانى أكسيد الكربون المنبعث من جميع المصادر، ومن أبرزها محطات توليد الكهرباء والمصانع والسيارات التى تعمل بالوقود التقليدي (الأحفوري)، ولقد عزَّز هذا التوجه ظهور وتبني برامج ترشيد الطاقة وإدارة الأحمال وتحسين نوعية الوقود والاتجاه نحو زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة (أيْ ما يعرف بالطاقات النظيفة).
تعد الطاقة بكافة صورها وأشكالها ومكوناتها من أهم العوامل المؤثرة في حياة الإنسان وتطوره، ولقد أنعم الله جلت قدرته على الإنسان بالطاقة من مصادر أولية عديدة وبصور مختلفة، مثل: الطاقة الحركية، والطاقة المختزنة فى الوقود الأحفوري، والمصادر المائية، والطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، وطاقة الكتلة الحيوية، والطاقة النووية، وطاقة المد والجزر وغيرها، ولقد اعتمد الإنسان منذ القدم على مصادر الطاقة الأولية وطوَّعها بما يخدم احتياجاته وراحته وتسهيل أموره وتحسين أحواله ونمط معيشته، ولقد اختلفت على مر الأزمنة والعصور درجة الاعتماد على مصادر الطاقة المختلفة تبعاً لاحتياجات ومتطلبات الإنسان وابتكاراته وقدراته على تطويع أنواع الطاقات بما يخدم أغراضه واستخداماته المختلفة .
ولقد تطور استخدام الإنسان لصور الطاقة فبينما كانت الطاقة الحركية والروافع التى ابتكرها الإنسان لنقل وتحريك الأشياء هي السمة الغالبة فى البداية، فإن الوقت الراهن شهد تطورات مذهلة للحصول على الطاقة عن طريق حرق الأنواع المختلفة من الوقود الأحفوري (الفحم – البترول – الغاز)، وكذلك استخدامه للطاقة الكهربائية المولدة من حرق الوقود، أو استخدام المصادر المائية، أو الطاقة الشمسية، أو الرياح، أو الطاقة النووية.
وفى المراحل الأولى للنشاط الصناعي كان يتم تأمين معظم الطاقة التى تستخدم فى تشغيل المصانع عن طريق حرق كميات من الوقود الأحفوري مما نشأ عنه وترتب عليه إنتاج كميات كبيرة من عوادم الاحتراق التى تتسبب فى تلويث الهواء والبيئة المحيطة، وقد يسبب انتشار المصانع فى منطقة ما فى زيادة حدة المشكلة وخطورتها على اعتبار أن تلك المصانع ليس لديها برامج للتحكم فى مسببات التلوث والحد من تأثيراتها الضارة والحفاظ على نسبها المعقولة، ولقد ساعد الاستخدام المتزايد للطاقة الكهربائية فى تشغيل المصانع فى التقليل من شدة تلوث الهواء الناشئ بسبب النشاط الصناعي المعتمد على الحرق المباشر للوقود الأحفوري.
ونظراً لمميزات الطاقة الكهربائية التى من أهمها: إمكانية نقلها إلى أماكن نائية وبعيدة جدًا بسرعة الضوء، وبساطة استخدامها وسهولة التحكم فيها، ومستوى موثوقيتها العالية، فقد تزايد استخدامها بشكل سريع حتى إنها تسهم حاليا (فى بعض البلدان) بما يعادل 40% من إجمالي الطاقات المستخدمة، وعلى المستوى العالمي فإن الطلب على الطاقة الكهربائية قد نما وسيستمر في النمو وبمعدل أعلى من الطلب على الطاقات الأخرى، كما سيشهد المستقبل تزايد نسبة استخدام الطاقة الكهربائية حيث إنها تمثل العنصر الأساسي للتنمية وبخاصة في المناطق النائية والبعيدة والتى لا يوجد بها مصادر متاحة للطاقة.
وفى الوقت الراهن فإن الطاقة الكهربائية يتم إنتاجها بشكل رئيس من حرق الوقود التقليدي حيث يمثل حوالي 80% من إنتاج إجمالى الطاقة على المستوى العالمي، ومن المتوقع _ ربما خلال العقدين القادمين _ أن يظل الوقود التقليدي هو الخيار الرئيس المتاح لإنتاج الطاقة الكهربائية فى معظم دول العالم والدول العربية بشكل خاص.
يتم استخدام الطاقة الكهربائية من خلال نظام كهربائي يشمل محطات لإنتاج الطاقة الكهربائية وشبكات نقل كهربائية لنقل الطاقة المنتجة إلى مراكز الأحمالن ثم يتم توزيعها عن طريق شبكات توزيع كهربائية وبعد ذلك يتم استهلاك الطاقة الكهربائية من قبل المشتركين (مستهلكو الطاقة الكهربائية)، ويتم استهلاك الطاقة الكهربائية فى أغراض مختلفة منها: الأغراض السكنية، والتجارية، والصناعية، والزراعية، وفي المباني الحكومية، وفي إنارة الشوارع، وفي مرافق أخرى متعددة.
مصدر الصورة: Matthew Henry