نظراً لأن الطاقات المتجددة وفي مقدمتها الطاقة الشمسية تعتبر استغلال أمثل للموارد الطبيعية المتاحة فإنها تلعب دورًا بارزًا ومتزايدًا فى توفير ترشيد الطاقة الكهربائية وتخفيض تكاليفها بل أضحت جزءًا لايستهان به فى ما يعرف بــ “مزيج التوليدGeneration Mix ” فى معظم الأنظمة الكهربائية بدول العالم، وسنستعرض فيما يلي ماهية هذه الطاقة المتجددة والتوجهات المستقبلية للمملكة في تبنيها وتطويرها واستخدامها.
تعد الطاقة الشمسية من أهم مصادر الطاقات المتجددة خلال القرن القادم، فلا غرابة إذاً أن نجد كثيرًا من الدول تتوجه لها بمختلف صورها وترصد لها المبالغ الطائلة لتطوير المنتجات والبحوث الخاصة باستغلالها والاستفادة منها كإحدى أهم مصادر الطاقة البديلة للنفط والغاز القابلة للتلاشي والنضوب بسبب الاعتماد عليها والاستخدام الكثيف لها، وقد أعطى النصيب الأوفر في البحوث والتطبيقات لمجال تحويل الطاقة الشمسية بواسطة الخلايا الشمسية إلى طاقة كهربائية وهو ما يعرف علمياً بـ “الفوتوفولتية photovoltaics”، وهذا المصدر من الطاقة هو أمل الدول وبخاصة النامية منها في التطور، حيث أصبح توفير البنى الأساسية للطاقة الكهربائية من أهم العوامل الرئيسة لها حيث لا يتطلب إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية إلى مركزية التوليد بل تنتج الطاقة وتستخدم في نفس المنطقة أو المكان الأمر الذي يوفر كثيرًا من تكلفة بناء المحطات ومد خطوط النقل وشبكات التوزيع، إلى جانب أنها تعتبر طاقة نظيفة وصديقة للبيئة فلا تسبب تلوثًا لها أو إضرارًا بمكوناتها الجمالية ومقوماتها الطبيعية، وتوجد في الطبيعة مواد كثيرة تستخدم في صناعة الخلايا الشمسية والتي تجمع بنظام كهربائي وهندسي محدد لتكوين ما يسمى باللوح الشمسي والذي يعرض لأشعة الشمس بزاوية معينة لينتج أكبر قدر من الكهرباء.
تقوم الخلايا الشمسية بتحويل الأشعة الشمسية مباشرة إلى طاقة كهربائية ويقوم مبدأ عمل تلك الخلايا على تحويل جزء من الإشعاع الشمسي إلى كهرباء بشكل مباشر، وتصنع الألواح الشمسية من وصلة ثنائية تتكون بين طبقتين من السيليكون مختلفتين في نوعية الشوائب المضافة وعندما تتعرض الألواح الشمسية للضوء تتحرر الإلكترونات من إحدى الطبقتين إلى الأخرى وينشأ فرق جهد الكهربائي ينتج تلك الشحنات الكهربائية، وهناك اتجاه عالمي نحو زيادة استخدام الطاقة الشمسية في المستقبل مع التطوير المستمر فيها لعقود قادمة وخاصة أن من المتوقع تحسين التقنيات الأساسية المستخدمه بالإضافة إلى خفض تكلفتها، وتعتبر اليابان وألمانيا من الدول السباقة فى هذا المضمار لكونهما أكثر الدول نشاطاً فى مجال البحث والتطوير، ويمكن للطاقة الفوتوفولتية أن تكون الحل الملائم للدول التي تسطع بها الشمس لفترات طويلة مثل المملكة العربية السعودية.
من المتوقع أن يتضاعف الإنتاج العالمي للكهرباء على مدى الربع قرن المقبل وذلك وفقاً لوكالة الطاقة الدولية من خلال مجلة “النظرة العالمية للطاقة لعام 2020م”، هذا ومن المنتظر أيضًا أن يزيد إنتاج الطاقة المتجددة بنسبة 57 ٪ ولابد أن تكون هذه الطاقــة الكهربائيــة ذات موثوقية وكفـاءة جيدة تساعد على خفض التكليف وتحسين جودة الخدمة، وفي واقع الأمر لا تزال الخلايا والألواح الشمسية حتى الآن تستخدم باعتبارها أنظمة فريدة للطاقة وهذه الأنظمة يتم نشرها وتسويقها في العالم الصناعي والنامي على أساس تجاري، واليوم فإن طلب السوق العالمي على الخلايا الشمسية (الفوتوفولتية) يتجاوز 5 بليون دولار سنويًا مما جعل سوق الطاقة المتجددة يتطور في كل من الدول الصناعية والدول النامية على حد سواء، حيث أصبحت الطاقة الكهربائية متاحة في المناطق البعيدة التي تقع خارج نطاق الشبكة، إن سكان المناطق النائية في الدول النامية – وبدون الحاجة إلى متطلبات الربط الكهربائي – يمكنهم الآن أن ينعموا بمصادر من الطاقة الكهربائية من الأنظمة الفوتوفولتية ومزاياها المتعددة من حيث تصميمها النسقي وعمرها التشغيلي الطويل وعدم اعتمادها على الوقود الأحفوري، كما أنه أصبح من الممكن فنيًّا توصيل اللوحات الشمسية بشبكة الكهرباء مما يعني أن الأفراد الذين يمتلكون هذه اللوحات الشمسية بإمكانهم أن يقوموا ببيع الطاقة الفائضة إلى شركة الكهرباء.
وبالنسبة للمملكة فنظرًا لما تتمتع به من مقومات قوية في مجال الطاقة الشمسية نظرًا لموقعها في نطاق “الحزام الشمسي العالمي” وامتدادها الجغرافي فقد سعت نحو الاهتمام بهذا المجال بصورة تكفل التوسع والتطور لتأمين مصادر بديلة وآمنة تكفي لتوفير الوقود وبالتالي الارتقاء بالاقتصاد الوطني وبناء مستقبل مستدام له، وهذا ما جعل المملكة تطلق “برنامج الملك سلمان للطاقة المتجددة” خلال منتدى الاستثمار في الطاقة المتجددة الذي انعقد في مدينة الرياض في أبريل عام 2017، كما أن المجال مفتوح أمام القطاع الخاص لإنشاء ما يعرف “مشاريع الطاقة المستقلة” وأحدها هو مشروع محطة سكاكا المستقل للطاقة الشمسية الذي يعتبر أول محطة للطاقة المتجددة على مستوى المرافق في المملكة في منطقة الجوف بقدرة كهربائية تصل إلى 300 ميجاواط وبتكلفة استثمارية تبلغ 302 مليون دولار أمريكي، ويعد هذا المشروع باكورة مشاريع تعتزم المملكة إنشاءها ضمن برنامج وطني طموح للطاقة المتجددة يستهدف إنتاج 10 جيجاواط من الطاقة المتجددة بحلول العام 2023م.