تقوم الرؤية الحديثة لشبكات الكهرباء على استبدال النمط القديم الذي يعتمد على وجود مصادر ضخمة مركزية للطاقة، توصل للمستهلك عن طريق شبكات نقل تغطي كافة القطر بشبكات صغيرة الحجم تكون قريبة من مناطق الاستهلاك، ويمكن أن تكون هذه الشبكات الصغيرة معزولة أو متصلة مع بعضها البعض لتبادل فائض الإنتاج من الكهرباء.
هذه الشبكات الصغيرة تعتمد في إنتاج الكهرباء على مصادر متنوعة، مثل: الشمس، والرياح، والطاقة الحيوية، والتوربينات المائية الصغيرة، والمركبات الكهربائية ويتم دعمها أحيانا بمولدات ديزل لضمان الاستدامة والاعتمادية.
تتمثل مميزات الشبكات الصغيرة _ ولا تنحصر _في الآتي:
- التكلفة: تعتبر تكلفة الشبكات الصغيرة أقل من تكلفة المحطات المركزية؛ لأنها لا تحتوي على شبكات النقل و من المعلوم أن تكلفة نقل الكهرباء عالية؛ لأنها تعتمد على أسلاك النحاس وأبراج النقل الضخمة التي تمتد إلى مساحات شاسعة خاصة في بلد مترامي الأطراف مثل السودان، بالإضافة لتكلفة محطات رفع وخفض الجهد الكهربائي.
- الفقودات: أيضاً عدم وجود شبكة النقل في الشبكات الصغيرة يلغي الفقد في الكهرباء؛ نتيجة لنقل التيار الكهربائي لمسافات طويلة.
- الطاقة المتجددة: تتيح الشبكات الصغيرة إمكانية الاستفادة من الطاقة المتجددة المتوفرة في منطقة الاستهلاك، وأيضاً الاستفادة من مصادر متنوعة من الطاقة في نفس الوقت مما يزيد من اعتمادية النظام (reliability) واستدامته ويقلل من استهلاك الوقود الأحفوري.
- أمن الطاقة: عندما يكون اعتماد الدولة على مصادر متعددة وموزعة للطاقة يرتفع مستوى أمن الطاقة في الدولة؛ بسبب انخفاض التهديد لفقدان المصادر جميعها في وقت واحد على عكس التوليد المركزي، أيضاً زيادة اعتماد الدولة على مصادر الطاقة المتجددة يزيد من أمنها لأنه يقلل من اعتمادها على دول أخرى في استيراد الطاقة من المصادر الأحفورية.
- خفض التلوث: تقليل انبعاث ثاني أكسيد الكربون واعتماد أكبر على مصادر الطاقة النظيفة.
أنسب تطبيقات الشبكات الصغيرة هي المناطق الريفية البعيدة من الشبكة المركزية، ولكن أيضاً يمكن ربطها ببعضها البعض وبالإنتاج المركزي القائم في الشبكة القومية ومن ثم إنشاء شبكة ذكية، وهنا تزيد الحاجة إلى شبكة اتصالات قوية وأنظمة تحكم لتتم الاستفادة القصوى من كل المصادر المتاحة والوصول لأقل سعر للكيلوواط ساعة least cost generation.
الشبكة الذكية لا تتحكم فقط في جانب الإنتاج ودخول وخروج المولدات ولكن تتحكم أيضا في الاستهلاك عن طريق التغير في التعرفة مع الزمن؛ لتشجيع المستهلكين على زيادة الاستهلاك خارج ساعات الذروة عن طريق خفض التعرفة مما يتطلب تفاعل متواصل في نطاق شبكة التوزيع.
الأرصاد الجوي والتنبؤ بحالة الطقس من أهم مقومات الشبكة الذكية، وعن طريقه يمكن وضع الأسعار للكيلواط ساعة بصورة مسبقة ووضع خطة الإنتاج والاستهلاك الأمثل.
هذا الأمر يمكن أن يتم أيضاً على مستوى الشبكات الإقليمية فالربط الشبكي بين الدول وخاصة في وجود التوليد من الطاقات المتجددة يعزز الوصول إلى أقل سعر للكيلوواط ساعة ويقلل من الانبعاثات للغازات الدفيئة، حيث يمّكن من الاستخدام الأمثل لمصادر الطاقة المتجددة دون المساس باستقرار الشبكة نتيجة لسعة المواعين المنتجة للطاقة.
إذاً مستقبل الشبكات الكهربائية يتمثل في شبكات صغيرة قريبة من مناطق الاستهلاك، ومرتبطة مع بعضها البعض بخطوط طاقة وخطوط اتصالات ومعتمدة على أنظمة تحكم ذكية لا تحدها الحدود بين الدول ولكن تحكمها المصلحة المشتركة المتمثلة في أقل سعر وأقل تلوث.