ظهرت تقنية الألياف البصرية (fiber optics) كفرع حديث من علوم الفيزياء يرتكز على ظاهرة انتقال الضوء عبر ألياف شفافة من الأسلاك الدقيقة المصنوعة من الزجاج النقي تشابه شعرة الإنسان في حجم سماكتها ودقتها، وتُستخدَم بشكل شائع في شبكات الاتصالات مثل الإنترنت والتلفزيون والهواتف والفيديو والرسائل المُشفَّرة، والتي تستخدم تقنية الإشارات الضوئية في نقل كميات كبيرة من البيانات والمعلومات بسرعات فائقة جدًا على شكل نبضات ضوئية، في حين أن التقنيات القديمة مثل الأسلاك النحاسية التقليدية تنقل البيانات على شكل نبضات كهربائية.
وتعتبر الألياف البصرية تقنية جديدة أحدثت ثورة في عالم الاتصالات لتميزها على أسلاك التوصيل النحاسية العادية بعدة خصائص ومميزات، منها على سبيل المثال:
عرْض النطاق الترددي العالي للإشارات، وسرعات الإرسال الكبيرة، إضافة إلى أنها أصغر حجمًا، وأخف وزنًا، وأقل فقدًا للإشارة المرسلة مقارنة بالأسلاك النحاسية العادية، كما أنها أكثر قدرة وأكبر تحملاً في نقل الإشارات وإرسال البيانات وحمل المعلومات؛ لأن الألياف البصرية أدق من الأسلاك العادية حيث يمكن وضع عدد كبير منها داخل حزمة واحدة أو كيبل واحد مما يزيد عدد خطوط الهاتف أو عدد قنوات البث التلفزيوني في كيبل واحد، كما أنها أقل حجمًا حيث إن نصف قطرها أقل من نصف قطر الأسلاك النحاسية التقليدية، فمثلاً: يمكن استبدال سلك نحاسي قطره 7 سم بآخر من الألياف البصرية قطره لا يتجاوز 0.5 سم وهذا يمثل أهمية اقتصادية خاصة عند مد الأسلاك تحت الأرض، كما أنها أخف وزنـًا إذ يمكن استبدال أسلاك نحاسية وزنها 95 كجم بأخرى من الألياف البصرية تزن 3 كجم فقط، كما أن هناك فـقْـدٌ أقل للإشارات المرسلة وعدم إمكانية تداخلها من خلال الألياف المتجاورة في الحبل الواحد مما يضمن وضوح الإشارة المرسلة ونقائها سواءً كانت محادثة تلفونية أم بثًّا تلفزيونيًا، كما أنها لا تتعرض للتداخلات الكهرمغناطيسية مما يجعل الإشارة تنتقل بسرية تامة ولذلك أهمية خاصة وميزة فريدة في الأغراض العسكرية والأمنيَّة والطبية، كما أن من مزاياها أنها غير قابلة للاشتعال مما يقلل من خطر نشوب الحرائق، كما تحتاج لطاقة أقل حيث أن فقد الطاقة بها أقل بكثير من الفقد في الموصلات والنواقل النحاسية العادية.
ومن ضمن استخدامات الألياف البصرية نظرًا لوزنها الخفيف وحجمها الصغير وفقدها الضئيل أنها تمثل العصب الرئيس في شبكات الحواسب والإنترنت والاتصالات الرقمية بعيدة المدى وبين مواقع مختلفة، كما تستفيد الصناعات العسكرية والفضائية أيضًا من الأَلياف البصرية كوسيلة للاتصال ونقل الإشارات بالإضافة إلى قدرتها على استشعار درجات الحرارة، كما تُستخدم الأَلياف البصرية بِشكل متكرر في مجموعة متنوعة من الأدوات الطبية لتوفير اتصالات دقيقة كما أنها تُمكّن بِشكل متزايد أجهزة الاستشعار الطبية الحيوية المستخدمة في العمليات الطبية، كما أنه نظرًا لأن الأَلياف البصرية لا تخضع للتداخل الكهرمغناطيسي فهي مثالية للفحوصات الطبية المختلفة مثل التصوير بالرنين المغناطيسي والتصوير بالأشعة السينية والتنظير الداخلي (المناظير) والعلاج بالضوء والفحص المجهري الجراحي، كما يمكن استخدامها في نقل الصور من الأماكن الصغيرة الضيقة التي يصعب الوصول إليها، كذلك في المجالات الصناعية لفحص ومراقبة واكتشاف التلف في الآلات والمسبوكات الصناعية بأنواعها المختلفة.
كما تعمل الألياف البصرية كأجهزة استشعار لقياس الإجهاد ودرجة الحرارة والضغط بما له من تطبيقات في التنقيب في باطن الأرض، كما تستخدم أيضاً على نطاق واسع ضمن مكونات أجهزة الاستشعار الكيميائية البصرية، وتتضمن الاستخدامات الشائعة لها في أنظمة الأمن المتقدمة لكشف التسلل والممنوعات أيًّـا كان نوعها وإخفاؤها، ولعل من أهم استخدامات الألياف البصرية هو إمكانية نقل الطاقة باستخدام خلايا كهرضوئية لتحويل الضوء إلى طاقة كهربائية ورغم أن هذا الأسلوب ليس بفاعلية الأساليب التقليدية لكنه مفيد في حالات محددة يكون من المستحسن فيها عدم وجود موصل معدني كما هي الحال في استخدامها في أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي للحالات المرضية، ولعل التحدي الاقتصادي الذي يمكن أن نستنتجه ونستخلصه من استخدام الألياف البصرية يكمن في المردود الاقتصادي لاستخدامات وتطبيقات الألياف البصرية المتمثل في تكلفتها المادية الأقل وتطبيقها الرقمي الأمثل بالنسبة للموصلات النحاسية التقليدية.