تخطى إلى المحتوى

أصعب التحديات التي تواجه مشغلي شبكات نقل الكهرباء لعام 2022 وما بعده

مترجم بتصرف لـلكاتبين المؤلفين: جوليان جانسن، جوم نيومان

تشكل شبكات نقل الكهرباء وأنظمة التحكم بها العمود الفقري لمنظومة الشبكة الكهربائية لدينا، يواجه مشغلو أنظمة النقل المعروفة كذلك في أسواق الطاقة الدولية باسم (TSOs،أو TNSPs، أو TOs، أو TNOs) تغيرات كبيرة والتي تأتي بالتوازي مع سياسات الهيئات الحكومية والتنظيمية على المستوى الوطني أو الإقليمي على حد سواء حيث تم وضع بعض السياسات الطموحة لتحسين أداء الشبكات وتقليل تأثير ذلك على الاقتصاد والإنسان والبيئة من حولنا، على سبيل المثال اقترحت المفوضية الأوروبية زيادة نوعية في مستوى أهداف استخدام الكهرباء من مصادرها المتجددة بنسبة تزيد عن 65٪ بحلول عام 2030، بينما تستهدف الإدارة الأمريكية الحالية إلى تحقيق هدفها بإنتاج كهرباء خالية من أي تلوث بيئي بتحييد الانبعاثات الكربونية بنسبة 100٪ بحلول عام 2030 بحيث ينتج نصفها على الأقل من مصادر الطاقة النظيفة، لتحقيق مثل هذه الأهداف الصعبة يتطلب ذلك تغييرات هائلة ونوعية في آلية التخطيط والتشغيل والتحكم لأي مشغل للشبكة، كما يجب عليهم في نفس الوقت المحافظة على موثوقية واعتمادية منظومة الطاقة الكهربائية حتى وإن خضعت آلياتها لاستخدام تقنيات في توليد الطاقة ونقلها لتغييرات جذرية، ففي حال إن فشلت بالقيام بذلك فقد يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة على النظام الكهربائي بشكل شامل بما في ذلك ضعف أداء الشبكة الكهربائية وانقطاع التيار الكهربائي عن المستفيدين.

بالنسبة لمشغلي الشبكات الكهربائية (TSOs) فإن المخاطر التي تواجهها كبيرة حيث يتطلب عملهم الإسراع بتكييف الأنظمة الكهربائية لاستيعاب أي تغييرات جوهرية والتي ستأتي بشكل متسارع خلال الفترة القليلة القادمة، تحدد وتيرة العمل على آليات لتصفير الانبعاثات الكربونية من قطاع الطاقة على مستوى العالم والتي من ضمنها قدرة شركات الكهرباء بالمساهمة على ذلك الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية، وفي خضم هذه التغييرات الحديثة المرتبطة بالنقلة النوعية لقطاع الطاقة والتي من ضمنها توظيف مصادر الطاقة النظيفة تأتي مجموعة من التحديات التي تواجه مشغلي الشبكات الكهربائية والتي بدورها تسعى لانتهاز الفرص لتصميم نظام طاقة أكثر مرونة وكفاءة، نستطلع في هذه المقالة أبرز التحديات التي تواجه مشغلي الشبكات، ومنها:

  1.  تذبذب واكتظاظ خطوط نقل الطاقة الكهربائية (Intermittency and Congestion).
  2. ضعف استقرار الشبكة الكهربائية (Weak System Stability).
  3. رؤية القطاعات المختلفة في الشبكة للأصول المتوفرة (Reduced Visibility of Grid Assets).
  4. استثمار الأصول الجديدة وسط نقص رأس المال المتاح (New Asset Investment Amidst Decreased Capital Availability).
  5. دمج التكنولوجيا الجديدة في ظل السياسات والعمليات القديمة (Integrating New Technology Under Old Policies and Processes).

 

تذبذب واكتظاظ خطوط نقل الطاقة الكهربائية (Intermittency and Congestion):

إن التغير الكبير في مزيج أنواع مولدات الطاقة الكهربائية بالإضافة إلى الزيادة المستمرة والمتسارعة على طلب الكهرباء يصنع مجموعة من التحديات في سياسات العرض والطلب لمشغلي الشبكات، بينما تعتمد شبكة الطاقة الكهربائية الحالية لدينا على محطات طاقة مركزية واسعة النطاق، فإن الشبكة تتحول بشكل نوعي وبسرعة إلى الاعتماد على مصادر توليد الطاقة الموزعة (Distributed Generation) والمتجددة (Renewable Energy Sources)، بالنسبة لمصادر الطاقة المتجددة فتقع جميع مصادر توليد الطاقة باستخدام الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الكهرومائية في الأماكن التي يكون فيها المورد الطبيعي الذي يعتمدون عليه أكثر وفرة واقتصادية مما يدفع غالبًا بجعل وحدات التوليد أبعد عن مراكز الأحمال حيث تتمركز في مناطق نائية ذات بنية تحتية محدودة لنقل الطاقة، نتيجة لذلك يمكن أن يحدث اكتظاظ أو اختناق في شبكات نقل الطاقة مما يؤدي في بعض الحالات إلى تقليص حجم الإنتاج من مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لأن إنتاجها لا يمكن أن يصل إلى مراكز الأحمال لمحدودية سعة الشبكة، نجد أن هذه التحديات ظاهرة في شتى البلدان على مستوى العالم مثالاً على ذلك يستفاد من ما يقرب من 60٪ من طلب ولاية نيويورك من مدينة نيويورك التي كانت تُلبي إلى حد كبير الطلب من خلال محطات تعمل على الوقود الأحفوري في المدينة ومن حولها، فنظرًا لاستبداله المحطات التقليدية  بمحطات كهرومائية ومزارع الرياح ومحطات الطاقة الشمسية أصبح مصدر الطاقة (المتجددة) بعيداً عن الأحمال مما يضع مزيدًا من الضغط على منظومة نقل الطاقة لنقل كميات كبيرة من الإنتاج والتي لم يتم تصميمها من قبل للتعامل مع هذه الأحمال المتزايدة مطلقًا.

 

ضعف استقرار الشبكة الكهربائية (Weak System Stability):

على مدى فترات زمنية طويلة ومنصرمة اعتمدت محطات الطاقة على حرق الوقود الأحفوري لإنتاج البخار لمد التوربينات الضخمة بالطاقة الميكانيكية اللازمة لتحريك المولدات لإنتاج الطاقة الكهربائية، ترتبط هذه التوربينات بمولدات تقوم بتحويل الطاقة الدورانية (الميكانيكية) إلى كهرباء (طاقة كهربائية) والتي تنتقل ويتم توزيعها بعد ذلك على الأحمال المختلفة في الشبكة الكهربائية كتأثير جانبي لحركة المولدات المستمرة حين تشغيلها، توفر هذه الكتل الدوارة (المولدات) استجابة تلقائية وديناميكية للظروف المتغيرة على النظام مثل تذبذب التردد والجهد الكهربائي، تسمح هذه الاستجابة بإيقاف التغييرات الخطيرة حتى تتمكن الأصول الأخرى في الشبكة من التكثيف والاستجابة لاضطرابات الشبكة الشديدة، نظرًا لاستبدال المصانع التقليدية بمصادر ذات اعتماد كبير على العوامل الجوية مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وشبكات الربط عبر التيار المستمر عالية الجهد التي لا تضيف القصور الذاتي للنظام تواجه قطاعات التشغيل حقيقة وتحدي صعب حيث أنه قد لا يكون هناك قدر كافٍ من القصور الذاتي الحر المتأصل المتاح عند الاحتياج، قد يصبح ذلك واضحًا بشكل خاص خلال الفترات التي يكون فيها مزيج الطاقة المتجددة على الشبكة أعلى أو يكون الحمل فيها أقل من الإنتاج يؤدي ذلك إلى تغيير كيفية تقييم الحلول للحفاظ على قوة النظام واستقراره مما يزيد من الحاجة إلى خدمات التحكم بالقصور الذاتي الجديدة، والتردد السريع، والجهد الديناميكي.

 

رؤية القطاعات المختلفة في الشبكة للأصول المتوفرة:

إن تكاثر موارد الطاقة الموزعة (DERs) التي يتم توصيلها بنظام التوزيع وخلف عدادات العملاء يحجب الرؤية على قطاع التوليد، أصبحت الزيادات السريعة في نشر (DER) شائعة بشكل متزايد مع أمثلة لا تعد ولا تحصى مثل إسبانيا التي زادت ميغاواط من الطاقة الشمسية الموزعة بنسبة 30 ٪ عن العام السابق مع ارتفاع توظيف (DER)، يجب على مشغلي الشبكات الكهربائية الحفاظ على تردد الشبكة ضمن معايير التشغيل الآمنة وسط انخفاض رؤية الحمل والتوليد على الشبكة، من منظور قطاع التوليد لم يعد بإمكان المشغلين توقع توليد الطاقة من خلال النظر لمجموعة من الأصول الكبيرة بل يجب أن يتعاونوا بشكل وثيق أكثر من أي وقت مضى مع مشغلي نظام التوزيع (DSOs)؛ لتحديد مواقع العديد من (DERs) ذات السعة الصغيرة إلى المتوسطة التي تتمركز في الشبكة، سيؤدي النجاح في ذلك أيضًا إلى تمكين المشغلين من الاستفادة من الطاقة الزائدة التي يسعى العديد من مالكي (DERs) لبيعها مرة أخرى في الشبكة، من منظور قطاع التوزيع والمستهلكين مع قيام المزيد من المنازل بتركيب مصادر توليد طاقة متجددة والتي بطبيعتها تكون متقطعة ومتذبذبة يتغير صافي الطلب ويصبح أكثر تقلبًا، في حالة تمكن قطاع التوزيع من مراقبة وتوجيه الآلاف من هذه الأصول التي يصعب تحديدها فسيكون بإمكان مشغلي شبكات النقل الاستفادة منها لتحقيق توازن أفضل وتوافق ما أكثر بين العرض والطلب.

 

استثمار الأصول الجديدة وسط نقص رأس المال المتاح:

لإنشاء نظام أساسي ومتزن لنظام الطاقة في المستقبل يجب على مشغلي شبكات الطاقة الكهربائية الاستثمار في مجموعة من الأصول الجديدة والتي قد تكون مكلفة ولكنها في نفس الوقت مجدية، على سبيل المثال في ألمانيا يتوقع مشغلو الشبكات إنفاقًا رأسماليًا في حدود 61 مليار يورو من الآن وحتى عام 2030 والذي يعتبر ارتفاعًا هائلاً  مقارنة بإنفاق 33 مليار يورو في عام 2017، كذلك في الولايات المتحدة الأمريكية يبلغ تقدير تكاليف الاستثمار في أصول شبكات النقل ما بين 1.5 و 2 تريليون دولار بحلول عام 2030، لكن خفض معدلات العوائد المنظمة وزيادة التدقيق في نشر رأس المال يعني أن مشغلي الدعم الفني لديهم رأس مال أقل للإنفاق، إضافة إلى ذلك ستضيف الخلافات المطولة حول موقع الأصول الجديدة وارتفاع رسوم الشبكة _التي تزيد من تكاليف الكهرباء لدافعي الأسعار_ الضغط على المشغلين لتجنب النفقات الرأسمالية الكبيرة حيثما أمكن ذلك، سيتركهم هذا أمام التحدي المتمثل في زيادة استخدام أصولهم الحالية، ونشر التكنولوجيا الجديدة، والانخراط في نماذج تجارية جديدة وسط الطلب المتزايد على الكهرباء والبنية التحتية القديمة.

 

دمج التكنولوجيا الجديدة في ظل السياسات والعمليات القديمة:

للوفاء بفاعلية بأهداف الانبعاثات الكربونية العالمية يتعين على (TSOs) تسخير تقنية نقل جديدة ودمج أجهزة جديدة في الشبكة، يعمل المبتكرون ورجال الأعمال في جميع أنحاء العالم على تطوير تقنيات وعمليات جديدة لدعم (TSOs) في طريقهم للحصول على ما يعرف بالشبكة الخضراء (أي تصفير الانبعاثات الكربونية)، تعد تكاليف برامج تحسين الشبكة أقل بكثير مقارنة بالاستثمارات التقليدية مما يربك عملية الشراء التي تعتمد على استثمار مبالغ ضخمة في مشاريع البنية التحتية، يتوق مالكو (DERs) الصغيرة الحجم والمركبات الكهربائية إلى تزويد (TSOs) بتقنيات جديدة ذات مرونة أكثر، لكن بفعل سياسات تشغيل (TSOs غالبًا ما تكون غير مصممة للتعرف أيضًا على المستهلكين كمنتجين، في معظم الأسواق غير الاحتكارية لا يمكن لـ (TSOs) امتلاك أي أصول توليد والتي غالبًا ما يتم تصنيف تخزين الطاقة منها على أنها مجموعة فرعية من قبل المنظمين، اكتشاف عدد متزايد من حالات الاستخدام للتخزين كأصل لنقل الطاقة متواصل لتطوير أنظمة الملكية لأنظمة تخزين البطاريات لتكون ملكاً لقطاع نقل الطاقة لمرونة أكثر.

 

TNSP – Transmission Network Service Provider; TO – Transmission Operator; TNOTransmission Network Operator

 

المصدر: موسوعة T&D World – Fluence Energy

كاتب

  • د. محمد العقيل

    Dr Mohammed A. Al Aqil is a Faculty Member in the College of Engineering at King Faisal University, Saudi Arabia. He received his MSc. & Ph.D. in Electrical Power Systems Engineering from The University of Manchester, UK (2015 & 2020). He was selected among the top ten promising energy researchers in the UK in CIGRE annual Smart Energy Solutions showcase competition. He is a former Transmission Engineer at National Grid SA and recently appointed as a Visiting Lecturer at the University of Chester, UK. He has contributed to various international research projects in the area of smart transmission networks (UK, Canada, Ireland, and Scotland). His publications are mainly in the field of overhead line design and utilization of novel electro-mechanical asset-management-based technologies to uprate the power transfer capacity of the electrical network.

    View all posts