طاقة الرياح والطاقة الشمسية من أقدم مصادر الطاقة التي اعتمد عليها الإنسان عبر العصور التاريخية في نواحي متعددة. فقد استخدمت طاقة الرياح في التنقل البحري عبر المراكب الشراعية التي كانت تقل المسافرين والبضائع التجارية. وقد كان لطاقة الرياح ايضاً دوراً مهماً في إنتاج الغذاء باستخدام تقنية الطواحين الهوائية ذات الشفرات لطحن الحبوب بأنواعها. كما استغل الإنسان قديماً الطاقة الشمسية في إشعال النار عن طريق استخدام المرايا والعدسات المكبرة. بالإضافة إلى ذلك، اُستخدمت الطاقة الشمسية في تدفئة المنازل وتسخين المياه والتي تُعد وسيلة فعّالة وأقل تكلفة من المواقد التي تعتمد على حرق الخشب أو الفحم أو غيرها من أنواع الوقود.
مصادر الوقود الاحفوري – الفحم والنفط والغاز الطبيعي – كانت تُستخدم أيضاً منذ آلاف السنين بشكل محدود في التدفئة والطهي والإنارة. وكان هناك توزيع متنوّع ومحدود لمصادر الطاقة المختلفة في المجتمعات القديمة حتى تم اختراع أول محرك بخاري في القرن الثامن عشر الميلادي إيذاناً بانطلاق عصر الثورة الصناعية. بعد ذلك، تضاعفت استخدامات الوقود الاحفوري في إنتاج الطاقة بشكل غير مسبوق مع التوسّع المعرفي والتطور التقني حتى أصبحت مصادر الطاقة الرئيسية في العالم في شتى مجالات الحياة. فقد تزايدت أعداد المصانع والسيارات والطائرات والبواخر ومحطات توليد الكهرباء وغيرها حتى أصبحت المدن تعجّ بالأدخنة المنبعثة من احتراق الوقود المستخدم لتزويدها بالطاقة.
يتكون الغلاف الجوي للأرض من غازات متوازنة وأهما النيتروجين والأكسجين وبعض الغازات الأخرى بنسب ضئيلة مثل ثاني أكسيد الكربون. ولكن أدّى هذا الإفراط في إشعال الوقود الأحفوري إلى تغيير نسب الغازات المكوّنة للغلاف الجوي نتيجةً للانبعاثات الناتجة والمتزايدة خلال القرنين الماضيين. فقد تزايد تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون وغازات البيت الأخضر الأخرى في الغلاف الجوي حتى نشأت ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ التي باتت البشرية تلامس آثارها وتستشعر خطورتها في المستقبل. وقد ارتفع متوسط درجات الحرارة على الأرض بمعدل درجة مئوية واحدة عما كان عليه قبل الثورة الصناعية. أدّى ذلك إلى تبعات متعددة مثل ذوبان الجليد في المناطق القطبية وارتفاع منسوب مياه البحار وتأثيره على المناطق الساحلية وكذلك الإخلال بكميات هطول الأمطار وما يسببه من جفاف وفيضانات وأعاصير لبعض المناطق.
أدركت المنظمات العالمية فداحة هذه الظاهرة وتبعاتها ودقّت ناقوس الخطر ورسمت الخطط لتغيير ما يمكن تغييره بهدف كبح جماحها وتخفيف آثارها. قامت المملكة – مع بقية الدول – باتخاذ قرارات وأنظمة لمواكبة الخطط الدولية وكانت رائدة في أخذ العديد من المبادرات. فالمملكة تستهدف زيادة إنتاج الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة ضمن أهداف رؤيتها 2030 وأخذت مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر كطرق لتحقيق التزامها الدولي والوصول للحياد الكربوني بحلول 2060. وختاماً، بعد اعتماد البشرية منذ الثورة الصناعية على مصادر الوقود في إمدادها بالطاقة واغترارها بكفاءتها العالية، أدركت أن عليها العودة إلى أصدقاء بيئتها القدامى – الشمس والرياح – لتفادي حدوث خطر وشيك لا قدّر الله.