يعد الطيف الترددي مورداً وطنياً محدوداً ذا قيمة اقتصادية عالية، ويعد الوصول إلى هذا المورد في بيئة خالية من التداخلات اللاسلكية الضارة عنصراً أساسياً لتشغيل الأنظمة اللاسلكية في العديد من القطاعات الحيوية لخدمة أنظمة في غاية الحساسية والأهمية، وتشمل هذه القطاعات الدفاع، والأمن، والاتصالات وتقنية المعلومات، والفضاء والطيران، والنقل، والإعلام، والأرصاد، والطاقة، والصناعة، والمرافق العامة. وللطيف الترددي نطاق يمتد من 3 كيلو هرتز إلى 300 جيجا هرتز في خريطة الطيف الكهرومغناطيسي، الذي تتقاسمه جميع أنظمة الراديو كما هو مبين في الشكل 1. ولكون الطيف الترددي موردًا طبيعيًا ومحدودًا؛ تتولى الجهة التنظيمية المسؤولة عن إدارة الطيف الترددي بالدول –على سبيل المثال هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية في المملكة العربية السعودية- عمليات التخطيط والترخيص والمراقبة بما يتناسب مع التوجهات العالمية واحتياجات مستخدمي الطيف الترددي.
يلعب الطيف الترددي دورًا مهماً -لكنه غالباً لا يدرك الناس مدى أهميته- في حياتنا اليومية. فالإشارات الراديوية التي تحمل البيانات والاتصالات الصوتية إلى الهواتف الذكية والأجهزة الأخرى هي في الواقع غير مرئية. ومع ذلك، يعتمد المستخدمون والشركات والجهات الحكومية على الطيف الترددي لإنجاز مهامهم الروتينية، من العادية إلى الضرورية.
الشكل 1: نطاقات الطيف الترددي الراديوي المستخدمة تجاريا1.
بالإضافة إلى ذلك، تُعد إدارة الطيف الترددي دولياً ضرورية للتأكد من أن الدول تستخدم الأنظمة اللاسلكية بطريقة لا تُلحق ضررًا للدول الأخرى من خلال التداخلات اللاسلكية. ويتولى الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) -وكالة الأمم المتحدة المتخصصة في الاتصالات وتقنية المعلومات- مسؤولية الإدارة الدولية لاستخدام الطيف الترددي وموارد مدار الأقمار الصناعية، وتطوير معايير أنظمة الراديو، وإيجاد الحلول، والتوسط في النقاشات حول استخدام الطيف الترددي دولياً. ومن المتعارف عليه أن لكل دولة سيادتها للطيف الترددي، وأن عليها أيضاً مراعاة قيود لوائح الطيف الترددي الصادرة من الاتحاد.
وتشير التحليلات المستخلصة من مختلف بيانات الدول التي تم إجراء المقارنات المعيارية عليها في عام 2019م إلى أن الطيف الترددي يساهم في الاقتصاد (من خلال تعزيز الناتج المحلي الإجمالي) بنحو 3.4% على الأقل في أفضل 20 دولة رائدة في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات. وفي المملكة يساهم الطيف الترددي في الناتج المحلي الإجمالي بما يقارب 2.4%. مما يعني أن هناك قيمة اقتصادية إضافية كبيرة تستطيع المملكة أن تستغلها من الطيف الترددي2.
ومن المتوقع أن تساهم الأنشطة المتعلقة بالطيف الترددي في المملكة بحوالي 500 مليون ريال سنوياً في الناتج الإجمالي المحلي؛ وأن تساهم بتمكين الناتج المحلي الإجمالي بما يزيد على 3% مع حلول عام 2025م. أما الإيرادات غير النفطية، فمن المتوقع أن يساهم ترخيص استخدام النطاقات الرئيسية الموزعة للاستخدامات التجارية بمبلغ 18 – 36 مليار ريال سعودي تقريباً بحلول عام 2025م2.
وعلى الصعيد المحلي، تلعب هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية دوراً مهماً من خلال الإدارة الوطنية للطيف الترددي، التي من أهدافها تعزيز كفاءة استخدام الطيف الترددي، والحد من التداخلات اللاسلكية الضارة، وتمكين التقنيات اللاسلكية الناشئة، كما تقوم هذه الهيئة بالتعاون مع الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) والدول الإقليمية، بوضع الإطار التنظيمي لاستعمال الطيف الترددي وصياغة إستراتيجياته المستقبلية لضمان الاستخدام الأمثل لهذا المورد المحدود.
______________________________
1 Encyclopædia Britannica, Inc., “Commercially exploited bands of the radio-frequency spectrum.” Refer to this link
2 CST, “National Spectrum Strategy 2025” Refer to this link