ذكر مختصون في البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة (كفاءة) أن المكيفات تستهلك نحو 52 % من استهلاك الكهرباء في المملكة بينما في دولة الإمارات، يصل معدل استهلاك خدمات التبريد بشكل عام إلى 70% من حجم الطلب على الكهرباء في أوقات الذروة. هذه الأرقام توضح بشكل عام ان التكييف يمثل النسبة الأكبر لاستهلاك الكهرباء في دول الخليج والشرق الأوسط على وجه العموم وذلك بالطبع نتيجة للمناخ الصحراوي الحار والجاف. الشكل 1 يوضح الحاجة للاستهلاك العالمي للتكييف مع توقع ارتفاع الاستهلاك بنسبة 25% بحلول العام 2050 بحسب وكالة الطاقة الدولية IEA.
تقدم الحكومات برامج لترشيد الاستهلاك العالي للطاقة في التكييف عن طريق ارشادات ترشيد الاستخدام واستخدام أجهزة تكييف عالية الكفاءة، ولكن هذه الحلول التي تعتمد على سلوك المستهلك تكون عادة ذات اثر محدود.
يمكن ان تعطينا الثورة الرقمية حلا مبتكرا للتخفيض استهلاك التكييف وخصوصا في ساعات الذروة عن طريق إدارة جانب الطلب بحيث تقلل الاستهلاك في ساعات الذرة باستخدام تقنيات انترنت الأشياء وخوارزميات الذكاء الصناعي دون المساس براحة المستهلك.
كما ان الاتجاه الى استخدام الطاقة الشمسية في مزيج الطاقة يساهم في حل المشكلة لان ذروة الاستهلاك للتكييف في القطاع الصناعي والسكني تتوافق مع ذروة الإنتاج في محطات الطاقة الشمسية كما يوضح الشكل 2.
معظم مكيفات الهواء مناسبة لخوارزميات الاستجابة للطلب، حيث تتوافق أحمال الكهرباء القصوى عادةً بشكل جيد مع أحمال التبريد العالية في الصيف، خاصةً مع انخفاض توفر الطاقة الشمسية في المساء مع غروب الشمس. يمكن خفض تشغيل مكيفات الهواء أو إيقافها تمامًا باستخدام أجهزة انترنت الاشياء أو أنظمة إدارة المباني الذكية وذلك بضبط الخوارزمية لدرجة حرارة مناسبة وخفض تلك الدرجة خارج أوقات الذروة او عند وجود فائض في الشبكة من الطاقة الشمسية. يُعتبر خفض أحمال التبريد من خلال الاستجابة للطلب في أوقات ذروة الطلب على الكهرباء هدفًا أساسيًا في برامج إدارة الطلب على الطاقة.
الشكل 3 مثال على احدى خوارزميات إدارة الطلب التي تحدد درجة الحرارة المريحة للمستهلك من 22 الى 26 درجة مئوية، النتيجة من هذه الخوارزمية انخفاض استهلاك الطاقة من نظام التكييف بنسبة 40%، المرجع للدراسة [1]
الرقمنة تسمح لعدد أكبر من مستهلكي الكهرباء بالمشاركة في الاستجابة للطلب. يتيح الاتصال الرقمي مراقبة الأجهزة والمعدات بشكل مستمر وربطها بالشبكة. يتم جمع المعلومات واستخدامها لتعديل الطلب بحيث يتناسب مع العرض المتاح. خلال الساعات التي يكون فيها العرض نادرًا أو تكون شبكات الكهرباء عالية التحميل، يمكن إيقاف تشغيل الأجهزة المتصلة مثل مكيفات الهواء الذكية أو تشغيلها بأحمال أقل تلقائيًا. يمكن لهذه الأجهزة المتصلة تقليل الاستهلاك أو تحويله إلى فترات أخرى عندما يكون العرض وفيرًا، على سبيل المثال، عندما تشرق الشمس، تهب الرياح أو عندما لا تكون هناك مشاكل تقنية في شبكة الكهرباء. تتيح التقنيات الرقمية الجديدة المتطورة القيام بذلك بطريقة لا تؤثر بشكل كبير على راحة المستهلك. يتم تعويض المستخدم النهائي عادةً عن التحكم في الخدمة من خلال حافز سعري بحيث يستفيد من هذه الخدمة في تقليل فاتورة الكهرباء.
الشكل 4 يوضح استفادة الشبكة من عملية إدارة الطلب في تقليل الحاجة الى ادخال مولدات إضافية للشبكة في وقت الذروة.
يمكن لمجموعة من التقنيات الرقمنة والطاقة أن تساعد الاستجابة للطلب على اختراق نسبة أكبر من الاستهلاك في القطاعات السكنية والتجارية مثل منظمات الحرارة الذكية المتصلة مباشرة بسوق الطاقة ومقدمي توقعات الطقس كما يمكن أن يعزز الذكاء الاصطناعي بشكل كبير كفاءة وفعالية الاستجابة للطلب على المدى الطويل.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء والكلأ والنار”. رواه الإمام أحمد وغيره وصححه الألباني ، ترشيد استهلاكنا للكهرباء من صميم ديننا ومشاركتنا في برامج إدارة استجابة الطلب التي تحدد درجة الحرارة من 22 الى 26 درجة مئوية هي مشاركة ميسورة اذا عرفنا فوائدها الجمة في توفير هذا المورد القيم مورد الكهرباء.
المصادر:
[1] https://www.mdpi.com/2075-5309/12/4/415
[2] Gils (2014)، “تقييم الإمكانات النظرية للاستجابة للطلب في أوروبا”، https://doi.org/10.1016/j.energy.2014.02.019; O’Connell et al. (2015)، “حول تضمين استجابة الطلب على تحويل الطاقة في نماذج تكلفة الإنتاج: منهجية ودراسة حالة”،
[3] http://orbit.dtu.dk/files/118476222/NREL_Official_Report.pdf; IEA (2017a)، الرقمنة والطاقة.
[4] Future of energy, IEA (218)