ضمن أعمال المؤتمر التقني الدولي Leap 22 كان لصاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان حضور مشهود ودور قوي كعادة سموه في المحافل واللقاءات الدولية يما يحظى به سموه من دقة العرض وعمق النظر وسعة الأفق وبلاغة التعبير. ولإعطاء لمحة موجزة عن هذا المؤتمر فهو يُمثّل منصةً عالميةً وحدثًا استثنائيَا يستضيف خبراء المستجدات الحديثة المُميَّزة والتقنيات المستقبلية الواعدة من جميع أنحاء العالم. إنه منبر حيويٌّ لإبراز التقدم المتسارع والتطورات الحديثة في عالم الذكاء الاصطناعي بما فيه من تقنيات وابتكارات واكتشافات وإبداعات. ويستقطب هذا المؤتمر عادة آفضل العقول البشرية وألمع القيادات الفكرية في العالم من كوادر الشركات التقنية الرائدة والرواد الملهمين في المراكز المرموقة، كما ويجتذب أيضًا أصحاب رؤوس الأموال الاستثمارية ورواد الأعمال الذين يتطلعون لتحقيق أحلامهم وطموحاتهم ومراميهم.
قال سموه في مشاركته بحديثٍ رئيسٍ بعنوان: “التقنية من أجل تحوُّلات الطاقة” وذلك ضمن أعمال المؤتمر التقني الدولي Leap 22 بأننا – في المملكة العربية السعودية – نتطلع لاستخدام طاقة الهيدروكربون خلال العقود المقبلة وصولاً ربما إلى القرن المقبل، وللاستعداد لتبني هذه التقنية الحديثة فسنقوم بمشيئة الله بإعداد شباب لديهم الهمم والتحدي والحماس والثقة والإبداع لحمل هذا العبء والقيام بهذه المسئولية وليكونوا رموزًا ملهمة للأجيال المقبلة، لذا يقوم على عاتقهم الإبداع في مبادرة الطاقة الخضراء التي أعلن عنها سمو ولي العهد وكيفية مبادرة المملكة في تنفيذ هذا المشروع الوطني الكبير في بلد اعتمد على النفط الأحفوري لعقود طويلة ومن ثم يكون ذا إسهام مشهود في مشروع الطاقة الخضراء، والحد من التغير المناخي في العالم، وقد أبان سمو الأمير وزير الطاقة بأن المملكة لا يمكن أن تقف من المتغيرات العالمية موقف المتفرج دون أن تفعل شيئًا لذا قررت هي أن تشارك في هذه التغيرات بل وأن تقوم بالمبادرة وأن تكون في مقدمة الجميع في هذا الشأن الحيوي الذي يهم العالم بأسره وليس وقفًا على بلد ما أو منطقة ما بعينها. كما أشار سموه الكريم إلى أن المملكة ستشارك العالم اهتماماته في تقليل الانبعثات الكربونية والحد من التغير المناخي ضمن إجراءات منطقية وحلول قابلة للتنفيذ. إن ما نوَّه عنه سمو وزير الطاقة يحفظه الله لهو الهدف الأسمى الذي تسعى له المملكة في مجال الطاقة الخضراء التي لاقت ترحيبًا ومباركة من دول العالم قاطبة، وهذا في الواقع ما تضمنته مشاريع رؤية المملكة 2030 التي أولت اهتمامات كبيرة بالطاقة الخضراء ولعل أبرزها وأكثرها دلالة لهو مشروع “نيوم”. ولقد أكد سموه أن التطلعات نابعة من خبرات ممتدة ومراسات طويلة وتجارب ثرية ولعل أبلغ مثال لذلك شركة أرامكو السعودية التي تقوم بدور فعَّال وبخطى حثيثة في الالتزام بتنقية الكربون في عملياتها البترولية، كما أن لشركة سابك حوافز معهودة وجهود مشهودة في هذا المجال في عملياتها ومنتجاتها الصناعية، ومن هذه المنطلقات سنرنو لنظام بيئي متكامل يكون قادرًا على توظيف وتعزيز التقنيات المستجدة الحديثة ووسائل الذكاء الاصطناعي”.
وما دمنا بصدد الذكاء الاصطناعي الذي أشار إليه سمو الأمير فهذا المفهوم يعتمد على تقنيات عالية وأساليب متطورة مما يجعله ذا تأثير بالغ على ميادين الحياة المختلفة من حيث تسهيل أساليب العمل واختصار الوقت وتطوير وسائل انتاج الطاقة ورفع كفاية وكفاءة وجودة منتجاتها وكيفية التخلص من نفاياتها ومخلفاتها بطرق صحية وأقتصادية وبيئية مثلى. ولعل التعليم وإعداد الكوادر البشرية المؤهلة لهو المرتكز الأساس لضمان نجاح عملية تطويع وتوطين تلك التقنيات، فاستثمار الطاقات البشرية وتأهيلها لهو القاعدة الصلبة التي ترتكز عليها الدول كمطلب جوهري في نموها وازدهارها اقتصاديًّا وثقافيًّا وتقنيًّا.
إن من جملة الأهداف التي نسعى لها من خلال استثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي أن نطوعها بما يناسب قدراتنا البشرية ومواردنا الاقتصادية فالطموح إلى حياة أفضل لهو الشعار الذي ترفعه الأكثرية الكبرى من الشعوب في عالم يعجُّ بالحركة والإنتاج والتقدم العلمي المذهل.
وأخيرًا يمكننا القول بأن الأمل الأكبر معقود على دَوْر التقنيات الحديثة لتطوير الذكاء الاصطناعي كما أشار إلى ذلك سمو وزير الطاقة بنظرته الثاقبة ورأيه السديد كقوة علمية موجهة لاستثمار مصادرنا وثرواتنا الطبيعية التي أفاء الله بها علينا في بلادنا الغالية من نفط وغاز ومعادن كأي بلاد ترنو لمستقبل زاهر لتطوير صناعاتها الوطنية وملكاتها الذاتية بتوظيف الذكاء الاصطناعي واكتساب ثمراته ونتاجاته ومعطياته فلدينا الكثير من التحديات ولعل من أهمها الطاقة وتحولاتها واستغلال الطاقة الشمسية وتحلية المياه، فالإنسان المعاصر يزداد شغفًا وتفهمًا وتقبلا للإكتشافات العلمية والمخترعات الحديثة مما يحفزه على التعمُّق في البحث والاستقصاء ومن ثم الابتكار والاستكشاف في أفاق واسعة وعوالم مجهولة.