مقدمــــــة
منذ ثلاثة عقود ظهر مفهوم جديد لاستخدامات وترشيد الطاقة يعتمد على مبدأ: “الأكثر كفاءة والأقل كلفة”، وبدأ هذا المفهوم المرتبط بترشيد الطاقة والمحافظة عليها وتحسين كفاءة الاستخدام في التبلور والتطور والتوسع والانتشار. وبالإضافة إلى ذلك برز توجه هام ومؤثر على إستراتيجيات الطاقة يتمثل في ضرورة المحافظة على البيئة وحمايتها من التلوث والحد من ظاهرة الإحتباس الحرارى وتخفيض تركيز غاز ثانى اكسيد الكربون المنبعث من جميع المصادر ومن بينها محطات توليد الكهرباء التى تعمل بالوقود الأحفورى (الفحم، البترول، الغاز). ولقد عزز هذا التوجه ظهور وتبني برامج ترشيد الطاقة وإدارة الأحمال والاتجاه نحو زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة.
وتعد الطاقة بكافة صورها من أهم العوامل المؤثرة على حياة الإنسان وتطوره، ولقد أنعم الله جلت قدرته على الإنسان بالطاقة من مصادر أولية عديدة وبصور مختلفة مثل الطاقة الميكانيكية والطاقة المختزنة في الوقود الأحفورى والمصادر المائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة الكتلة الحيوية وطاقة المد والجزر وغيرها من أشكال الطاقات المتعددة، ومنذ القدم إعتمد الإنسان على مصادر الطاقة الأولية وطوعها بما يحقق متطلباته ويخدم احتياجاته ويوائم راحته وتحسين أساليب حياته ومعيشته.
ولقد إختلفت على مر الأزمنه والعصور درجة الاعتماد على مصادر الطاقة المتعددة تبعا لاحتياجات ومتطلبات الإنسان وابتكاراته وقدراته على تطويع أنواع الطاقات بما يخدم أغراضه وإستخداماته المختلفة، كما تطورت استخدامات الإنسان لأشكال الطاقة فبينما كانت الطاقة الميكانيكية والروافع التى ابتكرها الإنسان لنقل وتحريك الأشياء هى السمة الغالبة في البداية فقد شهد عصرنا الحاضر تطورات مذهلة للحصول على الطاقة عن طريق حرق الأنواع المختلفة من الوقود الأحفوري لاستخدامها في توليد الطاقة الكهربائية إلى جانب استخدام المصادر المائية أو الطاقة الشمسية أو الرياح أو الطاقة النووية لتوليد تلك الطاقة.
وفي المراحل الأولى للنشاط الصناعى كان يتم تأمين معظم الطاقة التى تستخدم في تشغيل المصانع عن طريق حرق كميات من الوقود الأحفورى مما نشأ عنه إنتاج كميات كبيرة من عوادم الإحتراق التى تتسبب في تلويث الهواء، كما أدى إنتشار آلاف المصانع في بعض المناطق إلى زيادة حدة المشكلة بالإضافة إلى إنه لم يكن هناك لدى هذه المصانع برامج للتحكم في انبعاثات التلوث والحد من تأثيراتها الضارة، ولقد ساعد الإستخدام المتزايد للطاقة الكهربائية في تشغيل المصانع في التقليل من شدة تلوث الهواء الناشىء بسبب النشاط الصناعى المعتمد على الحرق المباشر للوقود الأحفورى.
ونظرا لمميزات الطاقة الكهربائية التى من أهمها امكانيات نقلها إلى أماكن بعيدة جدا بسرعة الضوء وبساطة استخدامها وسهولة التحكم فيها ومستوى موثوقيتها العالية فقد تزايد استخدامها بشكل سريع حتى إنها أضحت تسهم حاليا في بعض البلدان بما يعادل أربعين في المائة من إجمالى الطاقات المستخدمة. وعلى المستوى العالمى فإن الطلب على الطاقة الكهربائية قد نما وسيستمر في النمو وبمعدل أعلى من الطلب على الطاقات الأخرى، كما سيشهد المستقبل تعاظم استخدام الطاقة الكهربائية حيث إنها تمثل العنصر الأساسى للتنمية وبخاصة في المناطق النائية والبعيدة والتى لايوجد بها مصادر متاحة للطاقة.
وعلى المستوى العالمى فإن مجالات الترشيد في النظام الكهربائى متعددة وتشمل بشكل رئيس محورين أساسين أولهما: الترشيد في جهة الامداد بالكهرباء (محطات التوليد وشبكات النقل والتوزيع) وثانيهما: الترشيد في جهة الطلب على الكهرباء (المشتركون)، فبالنسبة لجهة الإمداد فإن ترشيد الطاقة يتركز على رفع كفاءة الإنتاج بالإستغلال الأمثل للمصادر الطبيعية للطاقة والإستفادة من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة (الطاقة الشمسية، طاقة الرياح) إلى جانب الاستخدام الأمثل للوقود وتخفيض معدلات إستهلاكه في محطات التوليد وتطبيق أسس التشغيل الاقتصادى في النظام الكهربائى ورفع كفاءة وحدات التوليد المستخدمة بالإحلال والتجديد والصيانه الجيدة المجدولة وتخفيض الفاقد كل مراحل النظام الكهربائى وتحسين كفاءة الأداء في شبكات الكهرباء.
حتى اوائل السبعينات وتحديدا في عام 1973م لم يستشعر العالم بأية مشاكل تتعلق بالطاقة إذ كان يتم التعامل مع الوقود الأحفورى على أنه متوفر وزهيد الثمن ولم يكن ثمة اهتمام يذكر بمشاكل الطاقة حيث إن أسعار هذا الوقود كانت متدنية وليس هناك عوائق في سبيل الحصول عليه بالكميات المطلوبة وفي الوقت المناسب، وفي ذلك العام نشأت ظروف جديدة أوضحت بجلاء أن من الممكن أن تحدث مشاكل في إمدادات الوقود الأحفورى وأن تنشأ كذلك ظروف سياسية واقتصادية تجعل من الوقود عاملا هاما بالغ التأثير على أسعار الطاقة حيث ارتفع سعر البترول بشكل كبير وبدأت الدول الصناعية تفكر في إمدادات النفط واحتياطياته وأسعاره وتأثيراته على نمو الاقتصاد والتنمية حيث إن امدادات الوقود عنصرأساسى في العمليات الصناعية بكل أنواعها ومراحلها. ونتيجة لتلك الظروف ومنذا عام 1973 برز للوجود وجهة نظر جديدة مغايرة للنظرة السابقة يطلق عليها نظرة “الأكثر كفاءة والأقل كلفة”، ومن هذا المنطلق بدأ إعداد الدراسات وإجراء التحليلات الاقتصادية والفنية وأخذ مفهوم ترشيد إستخدام الطاقة والمحافظة عليها وتحسين كفاءة الإستخدام في التبلور والتطور والاتساع، ومن ذلك يتضح أن البداية الحقيقية للترشيد يمكن إيعازها إلى الدواعي الاقتصادية وارتفاع أسعار الوقود الذى أدى بدوره إلى ارتفاع وزيادة تكاليف إنتاج الطاقة واستهلاكها.
ومن جانب آخر فقد برز الاهتمام عالميا بالمحافظة على البيئة وحمايتها من التلوث ومعالجة المشاكل البيئية التى بدأت تلوح في الأفق مثل زيادة تركيز غاز ثانى أكسيد الكربون في الجو وارتفاع درجات حرارة الهواء وتآكل ثقب طبقة الأوزون في الغلاف الجوى وازدياد نسب الأمطار الحمضية، ولمعالجة تلك المشكلات بدأت الدراسات البيئية وازدادت أهميتها عالميا وإقليميا وعقدت الكثير من المؤتمرات العالمية والاتفاقيات الدولية للحد من ظاهرة الإحتباس الحرارى وتزايد تركيز الغازات المنبعثة من جميع المصادر إلى الغلاف الجوى ومن بينها محطات توليد الكهرباء التى تعمل بالوقود الأحفورى. وأوضحت الدراسات البيئية أهمية وضرورة اللجوء إلى طرق وتقينات ترشيد الطاقة في جميع صورها وأشكالها (ومن أهمها بالطبع الطاقة الكهربائية) كبديل للتوسع في إنشاء المزيد من محطات توليد الكهرباء التى تسهم بشكل كبير في تلوث البيئة واندثار سماتها ومعالمها ومقوماتها.
الإهتمامات البيئية وتأثيرها على إستراتيجيات ترشيد الطاقة
شهدت العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين والحادي والعشرين إهتماما متزايدا من العلماء والمخططين ورجال الاقتصاد وحتى السياسين بمشكلات البيئة والتغيرات التى تطرأ عليها والأضرار التى تلحق بها نتيجة لمبالغة الإنسان في إستغلال مواردها الطبيعية ودراسة الأساليب الملائمة للتعامل معها، ونتيجه لذلك فقد أنشئت إدارات بلغت لمستوى الوزارات في معظم دول العالم للإهتمام بشئون البيئة، كما عقد العديد من المؤتمرات والندوات لمناقشة مختلف القضايا المتعلقة بالبيئة، وبطبيعة الحال فإن القضايا المتعلقة بالبيئة متعددة وتتم دراستها من جوانب متباينة من بينها تأمين الطاقة اللازمة للتنمية وتأثيراتها على البيئة اذ ينطوى توفير الطاقة واستخداماتها على مجموعة من النتائج والآثار بعضها ايجابى وبعضها الآخر سلبى، ويمثل التلوث الجانب السلبى الرئيسى والذى لايتوقف تأثيره على المستوى المحلى فحسب ولكن يمتد تأثيره إلى المستويات المحلية والإقليمية والعالمية مما يتسبب في ظاهرة الإحتباس الحرارى نتيجة لانبعاث غاز ثانى اكسيد الكربون (بسبب احتراق الوقود الأحفورى) مما ينتج عنه ارتفاع في درجة حرارة الأرض وذوبان جليد القطبين مما يخلق أثارا مدمرة للدول التى لديها أنهار طبيعية مثل مصر وبنجلاديش والهند والصين والولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى التأثيرات السلبية تلك الغازات على الصحة والحياة الحيوانية والنباتية وزيادة المواد الحمضية في التربة ومصادر المياة. كما أن لهذه الغازات دورا في تآكل طبقة الأوزون الواقية للغلاف الجوي للكرة الأرضية من الإشعاعات الكونية الضارة.
لذلك أصبح من الضرورى تخفيض معدل انبعاثات الغازات الملوثة للبيئة والمرتبطة بالإمداد التقليدى للطاقة إلى جانب الحد من هدرها وتبني طرق لحسن استهلاكها والمحافظة عليها، وذلك يتأتى من خلال اتخاذ تدابير وأساليب فعالة في استغلال مصادر الطاقات المتجددة وتوسيع مجالات استخداماتها في تأمين الطاقة، ومن أهم هذه الطاقات الجديدة والمتجددة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وتكمن أهمية البحث عن مصادر جديدة للطاقة في أن الإستنزاف الكبير لمصادر الطاقة (الفحم، النفط، الغاز) سوف يؤدى بلا شك إلى نضوب هذه المصادر فيما بعد.
الطاقات الجديدة والمتجددة وعلاقتها بترشيد الطاقة
تتميز الطاقات المتجددة وخاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بأنها تعتمد على مصادر متوفرة وبشكل دائم غير قابل للتلاشي أو النضوب، لذا فإن تكلفتها التشغيلية منخفضة جدا مقارنة بالطاقات التقليدية الأخرى (الفحم ، البترول، الغاز). كما أن الطاقة الشمسية وكذلك طاقة الرياح يمكن من خلالهما إنتاج الطاقة الكهربائية حيث يعتبران من أفضل البدائل لتغذية المناطق النائية والبعيدة عن الشبكات الكهربائية والتى قد تحتاج إلى مد خطوط نقل عبر مسافات طويلة مما يعنى فقدا في الطاقة الكهربية، وبالإضافة إلى ذلك فإن التصميم المعيارى الجيد للمنازل والمبانى والذى يأخذ في الاعتبار الإستفادة من الشمس في الإضاءة يوفر الطاقة الكهربائية المطلوبة للإضاءة بنسبة عالية مما يعنى ترشيداً للطاقة الكهربائية وتخفيضا في استهلاكها. وفي هذا الصدد فإنه يوجد في الوقت الراهن تصميمات لمنازل الطاقة الشمسية التى تعتمد على استغلال أشعة الشمس لأغراض التدفئة وهى مايطلق عليها: “منازل الطاقة الشمسية الخاملة”، وهى تختلف عن المنازل التى يتم تركيب سخانات مياه شمسية على أسطحها تعرف بالـ “النظم الشمسية النشطة”، ولا تقتصر مزايا البيوت الشمسية الخاملة على توفير مايتراوح مابين 60% إلى 80% من تكاليف التدفئة فحسب بل إنها تقلص من تكاليف التدفئة والإنارة حيث تكون المنازل أكثر برودة وإضاءة في الصيف، والبيوت الشمسية في الحقيقة تختلف كثيرا عن البيوت التقليدية الأخرى حيث تزيد عن مثيلاتها من البيوت التقليدية بما يترواح ما بين 10- 20 % من إجمالى تكلفة الإنشاء، بيد أنه يمكن إسترداد هذه الزيادة في فترة تتراوح مابين ثلاث إلى خمس سنوات.
ونظراً لأن مصادر الطاقة التقليدية قابله للنضوب فإن العالم حاليا يتجه إلى زيادة الاعتماد على الطاقات الجديدة والمتجددة (بما فيها الطاقة المائية) حتى أصبحت هذه الطاقة تمثل نسبة لاتقل عن 20% من الطاقة الأولية على مستوى العالم، وهناك جهود تبذل لرفع هذه النسبة في معظم دول العالم. فعلى سبيل المثال فإن معظم الزيادة في مصادر الطاقة الأولية في بعض دول العالم وبخاصة في أمريكا وكندا تأتى من المصادر المائية والمتجددة.
ونظراً لأن الطاقات المتجددة تعتبر إستغلالا أمثل للموارد الطبيعية فإنها تلعب دورا بارزا ومتزايدا في ترشيد الطاقة الكهربائية بحيث اصبحت عاملا جوهريا وجزءا لايستهان به في ما يعرف بـ: “التوليد المختلط” المعمول به في الأنظمة الكهربائية في معظم دول العالم. وفيما يلي استعراض لأنواع ومصادر الطاقات المتجددة يعطي للقاريء شرحا مبسطا لمدلولاتها ومفاهيمها.
الطاقة الشمسية (الفوتوفولتية)
بدأ إستخدام تقنية الطاقة الشمسية (الفوتوفولتية) في الأقمار الصناعية، وفي عام 1992م وتم تركيب قدرات كهربائية تقدر بحوالى 100 ميجاوات في بعض الأنظمة الكهربائية، وبنهاية عام 2005م تم تركيب قدرات كهربائية إضافية بحوالي 4640 ميجاوات. وتعتبر هذه التقنية من أحدث التقنيات وأسرعها نموا في مجال إنتاج الطاقة الكهربائية، وتعتبر اليابان تاريخيا من أولى الدول التى سبقت في مجال الطاقة الشمسية (الفوتوفولتية) ودعمتها بقوة، وقد إنعكس ذلك على حجم قدراتها الكهربائية المتراكمة التى بلغت 1430 ميجاوات عــــــــام 2005م بحيث تمثل 31% من إجمالى الطاقة (الفوتوفولتية) على مستوى العالم في ذلك الوقت. كما أن ألمانيا قد شاركت وبقدرات تراكمية من هذه الطاقة وصل حجمها إلى ما يقارب 1910 ميجاوات عام 2005م ، كما تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية ثالث الأسواق العالمية الكبرى في هذه المجال بقدرات مركبة بلغ حجمها 465 ميجاوات عام 2005 يليها الصين ثم الهند.
وهناك بدائل أمام المشتركين لإستخدام الطاقات الجديدة من بينها تركيب خلايا شمسية (فوتوفولتية) في منازلهم لإنتاج الطاقة الكهربائية، ومن الممكن بيع الفائض من تلك الطاقات لدى المشتركين إلى شركات الكهرباء أو شراء طاقة نظيفة من شركة الكهرباء على أن تكون مصادرها من مصادر الطاقة المتجددة ويطلق عليها الطاقة الخضراء ( الخالية من الكربون)، وفي مثل تلك الأحوال تقدم الشركة حوافز منها الاعفاء من بعض الضرائب. ولقد تطورت كفاءة الخلايا الفوتوفولية حيث ارتفعت من 5،1% عام 1978 إلى 19% عام 2010، كما انخفض سعر الخلايا من 27 دولار/ واط عام 1978 إلى 3.5% دولار/ واط عام 2007 م، كما أن هناك اتجاه عالمي نحو زيادةاستخدام الطاقة الفوتوفولتية في المستقبل مع التطوير المستمر فيها لعقود قادمة وخاصة أنه من المتوقع تحسين التقنيات الأساسية المستخدمة بالإضافة إلى خفض التكلفة، وتعتبر اليابان وألمانيا من الدول الرائدة في هذا المضمار لكونهما من أكثر الدول نشاطا في مجال البحث والتطوير في مجالات الطاقة الشمسية (الفوتوفوليتة)، كم يمكن لهذه الطاقة أن تكون الحل الملائم للدول النامية والتى تسطع بها الشمس لفترات طويلة (المملكة العربية السعودية على سبيل المثال).
طاقة الرياح
يوضح أحد التقارير الصادرة عن الاتحاد الأوروبى إمكانية تركيب نحو 3,1 مليون ميجاوات من طاقة الرياح في أنحاء العالم بحلول عام 2020 لتنتج حوالي 3000 تيراواط ساعة من إجمالى الإستهلاك الحالى للطاقة الكهربائية في أوروبا، ويوضح تقرير صادر عن الرابطة الأوربية أن طاقة الرياح قادرة على توفير 12% من احتياطيات العالم من الطاقة الكهربائية خلال عقدين ويتضمن هذا تقليصات تراكمية من غاز ثاني أكسيد الكهربون تقدر بحوالى (11000) مليون طن.
وتتراوح تطبيقات طاقة الرياح من المنشآت الصغيرة التى تستخدم تربينات ذات قدرات أقل من 1 كيلو واط إلى المزارع التجارية والتى تبلغ قدراتها نحو عشرات الميجاوات، وتتراوح قدرة التربينات الجديدة المركبة في مزارع الرياح حاليا من 500 إلى 2500 كيلو واط.
وفي عام 1995م بلغت القدرة المركبة من محطات الرياح في العالم 5000 ميجاواط ثم ارتفعت إلى 72600 ميجاوات عام 2006م أي بمعدل نمو سنوى بلغ حوالي 23%، وقد ساهمت ألمانيا وحدها بقدرة بلغت 20600 ميجاواط وذلك يمثل ثلث القدرة على مستوة العالم يليها أسبانيا بقدرة 11615 ميجاواط ثم الولايات المتحــدة الأمريكيـة بقدرة تبلغ 11600 ميجاواط ثم الهند بقدرة 6050 ميجاواظ ثم الدانمرك بقدرة 3140 ميجاواط. كما أن الصين تخطط لأن يكون لديها 4000 ميجاواط طاقة رياح عام 2010 وزيادة 20% عام 2020 مع التركيز على طاقة الرياح بصفة خاصة للوفاء بنسبة 15% من استهلاك الطاقة الكهربائية على أن تتضمن الخطة تنفيذ محطات رياح بقدرة 500ميجاواط كمرحلة أولى ثم 3000 ميجاوات عام 2010 ثم 25000 ميجاواط بين عامي 2025 و 2030.
طاقة الكتلة الحيوية
تعد الطاقة الحيوية من المصادر المتجددة للطاقة حيث تضم العديد من المواد العضوية مثل المنتجات الثانوية للخشب وكذلك المخلفات الزراعية التى يمكن أن تستخدم في إنتاج الطاقة. وقد ظهرت الطاقة الحيوية بعد طول استخدام للوقود الأحفوري في الآونه الأخيرة في مجالات الصناعة والطاقة، وتسمى الطاقة الكهربائية المنتجة من الوقود الحيوى بالكهرباء البيولوجية والتى تطورت بسرعة بفعل إستخدامها كعامل مساعد لتوليد الطاقة، وتنتج المحطات التى تستخدم الوقود الحيوي الحرارة والكهرباء في آن واحد. ويعد الوقود الحيوي ثاني أكبر مصدر من مصادر الطاقة المتجددة حيث بلغ 6ر5% من إجمالي الطاقة المتجددة في عام 2005 خلفا للطاقة المائية ( 5ر89% ) ولكنه يسبق طاقة الرياح (3%). وتعتبر أوروبا وأمريكا الشمالية رائدين في هذا المجال حيث يمثل إنتاجهما 75% من الإنتاج العالمى متقدمين بذلك على آسيا (حوالى 18%) وأفريقيا (7%). ويمكن تصنيع الخشب والمواد الحيوية الأخرى وإستخدامها لتوليد الكهرباء، وحاليا يتم إستخدام ثلاث طرق تفيد في عملية التحويل للوقود الحيوي (الحرق، التحويل إلى غاز، التحليل). وتعتبر عملية الحرق أكثر الطرق شيوعا لتحويل الوقود الحيوي إلى طاقة ويرجع ذلك إلى انخفاض تكلفتها وإمكانية الاعتماد عليها بشكل كبير. أما بالنسبة لطريقتى التحويل إلى غاز والتحليل فإنهما لازالتا تحت البحث والتطوير ومن المتوقع أن تصبحا ممكنتين في المستقبل. ولإنشاء محطة تستخدم الوقود الحيوى فإن مساحة الأرض التى تحتاجها كبيرة جدا اذا ماقورنت بالطاقات الأخرى (الرياح، الفوتوفولتية، الجوفية الحرارية).
محاصيل الطاقــــــــــــة
يتم زراعة مساحات كبيرة بالنباتات التى تتميز بغزارة إنتاجها من المواد العضوية، وهناك نوعان من النباتات والمحاصيل ( الزراعية وغير الزراعية)، وجدير بالذكر أن إنتاج الطاقة من المحاصيل الزراعية سوف يؤدى إلى تزايد أسعار الغذاء وإستهلاك كميات كبيرة من المياه وتوفير الأراضي لزراعة هذه المحاصيل على حساب الغابات والمسطحات الخضراء مما يكون عاملا في تدميرها والقضاء عليها، وتعتبر الجاتروفا من الأمثله الناجحة للمحاصيل غير الزراعية. وتتميز بأنها تحتاج إلى كميات قليلة من المياه يساعد على خصوبة الأرض وإستصلاحها ومقاومة ظاهرة التصحر بالإضافة إلى أنها سريعة النمو مع أقل قدرة من الرعاية، كما يعتبر هذا النوع من النبات أقل نباتات الوقود الحيوى احتواءا ً للغازات كما يستخدم كسماد عضوى للتربة حيث إنه غني بالفسفور والبوتاسيوم وينتج حوالى 3 طن من الوقود الحيوى لكل هكتار سنويا، وتتجه بعض دول العالم نحو الإستفادة من نبات الجاتروفا في إنتاج الطاقة فقد تم زراعته في منطقة غابات السافإنا بافريقيا ومنطقه الأخاديد بامريكا الجنوبية، ولكن على الرغم من ذلك فإن هناك عددا من المعوقات تقف في وجه زراعة نبات الجاتروفا من أهمها تعرض حبوبة للتلف السريع بمجرد اقتلاعه مما يتطلب وسائل تخزين ذات كفائة عالية، كما أن له تأثيرا سلبيا على البيئة الحيوانية والإنتاج الحيواني إذا ما تم استخدامه كغذاء للثروة الحيوانية.
الطاقة الجوفية الحرارية
تزداد درجة الحرارة في عمق الأرض عن درجة حرارة سطحها، وهناك بعض الأماكن التى يصل فيها فرق درجات الحرارة إلى أكثر من 150 درجة مئوية، وفي مثل تلك الأماكن يمكن دفع الماء إليها ليتحول إلى بخار يتم استخدامه في توليد الطاقة الكهربائية أو إلى ماء ساخن يتم إستخدامه في التدفئة، وهذا مايطلق عليه “الطاقة الجوفية الحرارية”. وتقدر قدرات التوليد من الطاقة الجوفية الحرارية على المستوى العالمي بحوالى 9720 ميجاواط موزعه على (24) دولة لدى (11) دولة منها حوالى (96% ) من القدرة الإجمالية العالمية. وتمتلك الولايات المتحدة الأمريكية قدرات جوفية حرارية بحجم 2936 ميجاوات أي بنسبة تمثل 30% من إجمالى القدرات الجوفية الحرارية في العالم يليها الفلبين بقدرة 1978 ميجاواط بنسبة 20% ثم المكسيك بقدرة 960 ميجاوات بنسبة 7،9% يليها ايطاليا بقدرة 810 ميجاوات بنسبة 2،8% فإندونسيا بقدرة 807 ميجاوات بنسبة 8 % تقريبا. وفي قارة أفريقيا تمتلك كينيا قدرات تصل إلى 127ميجاوات ثم أثيوبيا بقدرة 3ر7 ميجاوات ثم غينيا الجديدة بقدرة 6 ميجاوات. وتختلف التكلفة الاقتصادية طبقا لعمق الآبار المحفورة والمسافة بين الضخ ومراكز الإستخدام ولذلك تتراوح التكلفة الإستثمارية مابين (800 – 3000) دولار لكل كيلوواط.
الخاتمة
من خلال هذا المقال الاستعراضي يتضح أن استخدام الطاقات المتجددة على نطاق واسع سيكون مطلبا أساسياً وجوهرياً في المستقبل لعدة أسباب منها أولاً: تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة المتاحة والقابلة للتلاشي والنضوب وهما البترول والغاز وثانيا الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي والحفاظ على البيئة ورفع مستوى الحياة المعيشية في الدول وبخاصة النامية منها، وثانياً: أنه وفقاً لنشرة وكالة الطاقة الدولية “النظرة العالمية للطاقة لعام ” فإن الإنتاج العالمي للكهرباء سيتضاعف خلال ربع القرن المقبل وأن ذلك سيزيد من حصة إنتاج الطاقات المتجددة بنسبة 57 ٪ في توليد الكهرباء بحيث يؤمل أن تساعد هذه الطاقات المتجددة في تطوير الخدمات الكهربائية من حيث تحسين جودتها ورفع كفاءتها وخفض تكاليفها.