في الجزء الأول من هذا المقال تم استعراض مسببات الحوادث الكهربائية وأهمها الصعق الكهربائي ونشوب الحرائق والآثار الجسيمة التي تخلفها تلك الحوادث في إزهاق الأرواح وإتلاف الممتلكات وذلك من واقع سجلات الدفاع المدني وانعكاس ذلك على الاقتصاد الوطني، وفي هذا الجزء الثاني سنخلص إلى أن الأمن والسلامة في المنشآت السكنية والتجارية والصناعية وكافة المرافق ضرورة ملحة يجب تطبيق اشتراطاتها والعمل بقواعدها وفقاً لبنود كود البناء السعودي (401) لما لذلك من دور فاعل ومؤثر في وقاية القاطنين والعاملين وحماية الأجهزة والمعدات والتقليل من الخسائر المادية والتكاليف الاقتصادية وتطلعاً لإزالة الأسباب المؤدية للصعق الكهربائي أو نشوب الحرائق، يرى الأخذ بالتوصيات التالية:
- تركيب أنظمة الإنذار والكشف عن الحريق والتي تعمل عند ارتفاع درجة الحرارة عن حد معين أو عند استشعارها بوجود دخان ينشأ ويتكاثف في الوسط المحيط بها، لذا يجب الإلزام بتركيب مثل هذه الأنظمة في المنشآت وبيئات العمل لسلامة الأشخاص ووقاية المعدات والحفاظ على الممتلكات، كما يلزم عند تخطيط المنشأة فلا بد من توفير مخارج آمنة للإخلاء والإجلاء للقاطنين أو العاملين في المبنى في حالة حدوث نشوب حرائق.
- تركيب مانعات الصواعق وبخاصة في المباني العالية ووظيفتها اختزال الصواعق البرقية الحاملة لشحنات كهربائية عالية وتحويل مسارها نحو الأرض بدلاً من اختراقها للمبنى وتدميره، ولهذه المانعات أنواع متعددة وأشكال مختلفة تتباين في الحجم وكيفية التركيب، ولا بد من الرجوع للمتخصصين والفنيين المعنيين بتوريدها وتركيبها.
- توفير وسائل لإطفاء الحريق في المنشأة وتدريب الأفراد على استخدامها بشكل يضمن المبادرة والسرعة والجاهزية وكذلك على كيفية التعامل مع نوعية الحدث: (حريق ناشئ عن تماس كهربائي، مواد كيماوية، غازات، سوائل، أثاث، أخشاب، ورق، أقمشة)، كما يجب أن نعي أنه عند حدوث حريق بسبب تماس كهربائي فيجب عدم إخماده بصب الماء مباشرة على الموصلات الكهربائية وهي في حالة توصيل بالمصدر بل يجب المبادرة أولا بقطع الكهرباء مباشرة من مصدره لأن صب الماء على الموصلات الكهربائية بوجود التيار الكهربائي يعتبر عملاً خطيراً حيث إن الماء لا يجدي في إخماد الحريق إلا بعد قطع التيار الكهربائي من مصدره الأصلي.
- حث الجهات الخاصة في القطاعات: التجارية، والصناعية، والتعليمية، والخدمية على زيادة جهودهم في برامج السلامة الكهربائية الموجهة للمجتمع من منطلق المسؤولية المجتمعية، وذلك عن طريق إعداد وتكثيف مزيد من البرامج التدريبية والتأهيلية في مجال السلامة الكهربائية للعاملين في تلك القطاعات وفي برامج التوعية الموجهة للمجتمع بشكل عام.
- تقوم جهات معنية مثل الدفاع المدني ووزارة الطاقة بالتنسيق مع الجهات المعنية لإيجاد آلية مناسبة للإلزام بالفحص الدوري على المنشآت الحكومية بغية التأكد من سلامة التمديدات والتركيبات الكهربائية وسلامة الأجهزة والمعدات التي تعمل بالكهرباء، وضمان إجراء عمليات الصيانة الوقائية لها بشكل دوري منتظم ومجدول.
- حث الجهات الحكومية والصناعية وشركة الكهرباء على تكثيف حملات التوعية المتخصصة بالسلامة الكهربائية، وأن تستهدف تلك الحملات: تحقيق السلامة الكهربائية في مكان العمل والمنزل والمرافق العامة، وأن تستخدم فيها وسائل وتقنيات مبتكرة مثل المواقع التفاعلية، والمجلات الورقية والإلكترونية المتخصصة في السلامة الكهربائية، ووسائل التواصل الاجتماعي، وأن تكون الرسالة الإعلامية مبسطة وواضحة ويمكن قياس مفعولها وتأثيرها.
- تقوم الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة بالتعاون مع الجهات المعنية نحو إيجاد تنظيم متكامل ينسق الجهود الإدارية والفنية لمراقبة أسواق المملكة لتفادي تسويق الأجهزة الكهربائية الرديئة والمقلدة وغير المطابقة للمواصفات القياسية السعودية، بحيث تُجرى اختبارات على عينات عشوائية مسحوبة من الأسواق بمساعدة المختبرات الخاصة المتوفرة في المملكة وتعزيز دورها في هذا المجال، ووضع الإجراءات المناسبة للتعامل مع الأجهزة المخالفة.
- تتبنى وزارة الطاقة التنسيق مع الدفاع المدني لاستحداث أسبوع للسلامة الكهربائية وتسليط الضوء فيه على التوعية والتثقيف داخل الجامعات والمدارس والمنازل وغيرها باستخدام كافة الوسائل الإعلامية المتاحة.
- تشكيل لجنة وطنية للسلامة الكهربائية من الجهات المعنية الحكومية والخاصة وتحت مظلة وزارة الطاقة لتحقيق مزيد من التنسيق بين تلك الجهات لتوفير الأمن والسلامة لمستخدمي الكهرباء.
- تقوم اللجنة الوطنية لكود البناء السعودي العمل على إيجاد تنظيم متكامل لتأهيل العاملين لممارسة أعمال (تصميم وتنفيذ) التمديدات الكهربائية، كذلك التحقق من سلامة تنفيذها بما يتوافق مع بنود كود البناء السعودي ومتطلباته واشتراطاته.
- العمل على إيجاد مركز معلوماتي توعوي لتوفير المعلومات الإحصائية حول مخاطر الكهرباء لاستخدامها كأداة لنشر التوعية بوسائل الحد والتقليل من تلك المخاطر.
- تطبيق المواصفات القياسية السعودية التي صدرت في شأن سلامة الأجهزة الكهربائية سواء المصنعة محلياً أو المستوردة من خارج المملكة، وذلك عن طريق فحصها واختبارها عند المنافذ الجمركية للتأكد من سلامة تصميمها وتصنيعها وعدم فسح أية أجهزة لا تتوافق مع تلك المواصفات القياسية الصادرة بشأنها بغية الحد من مخاطرها وتجنب كوارثها حماية للأرواح وحفاظاً للمعدات والممتلكات.
- إقامة ملتقيات وندوات وورش عمل علمية في رحاب الجامعات في مجالات السلامة ومن ضمنها السلامة الكهربائية يدعى إليها ويشارك فيها العاملون في مجال السلامة في الجامعات، حيث من المعلوم أن الجامعات تعتبر مقصدًا وموئلاً لكثير من فئات الناس (طلاب/طالبات، أساتذة، موظفون، أطباء، باحثون، فنيون…)، وفيها الكثير من المرافق والمنشآت والتجهيزات (قاعات دراسية، مختبرات، معامل، مستشفيات ومعدات طبية، بنوك دم، أجهزة حاسوبية، مكتبات، صالات محاضرات، ملاعب ترفيه، مسارح، مطاعم…).
وأخيراً علينا أن ندرك بأن الكهرباء نعمة من النعم التي أفاء الله بها علينا، فينبغي علينا إذاً أن نعي حسن استخدامها والتعامل معها لننعم بمزاياها ومنافعها الباهرة من جهة ونتقي كوارثها وأخطارها المدمرة من جهة أخرى.