تمثل الطاقة الكهربائية استخدامات متعددة في حياتنا فنحن نعتمد عليها في الأضاءة والتسخين والتبريد والتدفئة وتشغيل الأجهزة وإدارة المعدات وتسيير المركبات والاتصالات والطب والعلاج والترفيه…الخ، بل وأضحت حياتنا بدونها أمرًا لا يمكن تحمله أو حتي مجرد تصوره. ولنتخيل مثلاً الآثار النفسية والتكاليف المادية التي سنمنى بها عند انقطاع الخدمة الكهربائية وحرماننا منها في المنزل والمكتب والمتجر والمصنع والمعهد والمسجد والمستشفي والشارع والتي لم يعد أحد يجهل أهميتها ومزاياها وفوائدها فتلك من البدهيات والمسلمات التي لا تخفي علي وعي وفطنة وثقافة القارئ الكريم والتي تعد في حد ذاتها سليمة وآمنة للشخص العاقل والمتدبر وخطرة ومميتة للجاهل والمستهتر. والهدف هنا لا يعدو كونه إبراز بعض الجوانب الداكنة وغير السارة لهذه الظاهرة العجيبة في عصرنا الحديث لأنها وإن كانت (أي الكهرباء) حيوية ومهمة تجعلنا في أمس الحاجة في مناح شتي في حياتنا لكنها للأسف قد تكون ذات خطر داهم وشر مستطير إذا لم نع كيفية استخدامها والتعامل معها ونعرف قواعدها وأصولها وتدابير الأمن والسلامة فيها لدرء مخاطرها الماحقة والوقاية من كوارثها المدمّرة.
ولكي تتم الاستفادة الجيدة والآمنة من هذا الطاقة الحيوية فلا بد من إتباع الطرق الفنية والآمنة للتمديدات الكهربائية التي نصت عليها المتطلبات الكهربائية لـ كود البناء السعودي الذي أصدرته اللجنة السعودية لكود البناء السعودي حديثًا وبصدد التطبيق وهو مرجع مهم للمكاتب الاستشارية وللمشرفين والمقاولين والمفتشين والمراقبين والمالكين، حيث تشتمل بنوده علي المتطلبات الضرورية لتحقيق السلامة وتهدف إلي وقاية الأشخاص والمعدات والممتلكات من الأخطار المحتملة التي قد تنشأ من سوء تمديدات وتركيبات أو في كيفية تشغيل أجهزة ومعدات كهربائية نستخدمها ونتعامل معها بشكل متواتر في حياتنا اليومية. كما تسعي تلك المتطلبات لتوفير خدمات كهربائية ذات مصدر آمن وتدفق مستمر ونوعية جيدة وموثوقية عالية. إن غياب تلك الطرق المشار إليها وعدم تطبيقها والالتزام بها عند التنفيذ قد يولد أخطاءً في التمديدات تتمثل في عدم التوازن بين الأحمال الكهربائية عند تمديد الأسلاك أو الجهل عند اختيار الأنواع المناسبة لها أو عدم معرفة حجم قواطع التيار الكهربائي أو تقنين المقابس المناسبة لتشغيل الأجهزة والمعدات الكهربائية التي تختلف قدراتها الكهربائية وشدة التيار الكهربائي المصمم لها مما قد يؤدي كل ذلك أو بعض منه إلي هبوط أو زيادة في الجهد (الفولت) ينجم عنه إما تلف أو أداء سيء للمعدات والأجهزة الكهربائية وتقليص لعمرها التشغيلي. كذلك يؤدي سوء التمديدات الكهربائية إلي حدوث الحرائق التي تتلف الممتلكات وإلي وقوع الصعقات الكهربائية التي تودي بالأرواح . لذا تأتي الحاجة الماسة إلي تطبيق متطلبات كود البناء السعودي التي تسعي وتهدف بلا شك إلي تحقيق سلامة التركيبات الكهربائية وتراعي كافة المتطلبات لتأمينها وبالتالي تمنع أو على الأقل تعمل علي الحد من تلك المخاطر والكوارث سالفة الذكر . أيضاً تأتي الحاجة الملحة لتلك المتطلبات الكهربائية في معالجة وإزالة الآثار السلبية التي تنجم عن سوء تنفيذ التمديدات الكهربائية في المباني وما ينتج عنها من خسائر مادية وبشرية بسبب نشوب الحرائق أو حوادث الصعق الكهربائي المميتة إذا ثبت من إحصائيات الدفاع المدني أن ما نسبة 43% من أسباب نشوء الحرائق يعزي إلي سوء التمديدات الكهربائية بالإضافة إلي جهل الكثيرين باستخداماتها السليمة والآمنة وما ينطوي ذلك علية من مخاطر وكوارث محتملة.
وحيث إن عامل الأمن السلامة هو جوهر الموضوع فسنبين فيما يلي بشيء من الإيجاز أبرز تلك العناصر المرتبطة بالسلامة عند عمل التمديدات واستخدام الأحهزة والمعدات الكهربائية:
- عدم القيام بصيانة أو إصلاح أي جهاز أو معدة كهربائية أو توصيل أسلاك أوتغيير مصباح كهربائي إلا بعد قطع التيار الكهربائي عن الجزء (أو الأجزاء) المراد صيانتها أو إصلاحها أو تغييرها، وينصح أن يقوم بذلك فني متخص.
- عدم تحميل المقبس ( الفيش المثبت في الجدار) فوق طاقته المصمم من أجلها، أي تفادي تشغيل عدة أجهزة في آن واحد من مقبس واحد، لأن التيار الكهربائي في هذه الحالة سيكون عاليًا وربما يتجاوز القيمة المقننة لذلك فتنصهر المواد العازلة للأسلاك ويحدث التماس الخطر .
- تجنب تمرير الأسلاك تحت السجاد والموكيت تقاديا لإمكانية اشتعالها بسبب تهتُّك عزل الأسلاك أو ارتفاع حرارتها.
- الأجهزة الكهربائية ذات السحب العالي الكهربائي (مثل: الدفايات والغسالات والمكيفات والسخانات والغلايات وأفران الطهي) يجب أن يُمدَّد لها من المصدر الرئيسي (الطبلون) وأن يتم التأكد من حجم وسلامة الأسلاك الموصلة لها.
- حيث إن الماء يعتبر موصلاً جيداً للكهرباء، فإنه ينصح بقوة عدم استخدام الأجهزة مثل النشافات الهوائية وماكينات الحلاقة الكهربائية بعد الاستحمام مباشرة إلا بعد تجفيف الجسم تماماً من البلل والرطوبة وأثار الماء.
لذا فمن أجل علاج هذه الممارسات الخاطئة والحد من أخطارها المدمرة والحصول على خدمة كهربائية آمنة فلا بد من تطبيق البنود الوارد في المتطلبات الكهربائية لكود البناء السعودي ففيها أمان وضمان للسلامة والحماية بإذن الله تعالى.
وأخيراً، علينا أن ندرك بأن الكهرباء نعمة من النعم التي أفاء الله بها علينا وأنها ربما تصبح صديقاً ودودًا أو عدوًا لدودًا فيجب علينا إذن أن نعي حسن استخداماتها والتعامل معها حتى نحافظ عليها وننعم بها من جهة ونتقي كوارثها وأخطارها المدمرة من جهة أخرى.