تيارات الحث الكهرومغناطيسي داخل جسم الإنسان
مقدمة:
عند وجود إنسان تحت إحدى خطوط القوى الكهربائية فإنه يتعرض لكل من المجال الكهربائي والمجال المغناطيسي الناشئين عن الخط بفرض أنه مشحون (مصدر المجال الكهربائي)، وعليه حمل أي يسري به تيار (مصدر المجال المغناطيسي) وتسمى هذه المجالات بالمجالات الخارجية.
وعند اختراق المجالات الكهربائية والمغناطيسية الخارجية ذات التردد شديد الانخفاض حتى 300 هيرتز ومن ضمنها تردد القوى (50 أو 60) هيرتز لشبكات الكهرباء للأغراض المختلفة مثل الحوائط والأجسام الحية (مثل جسم الإنسان)، قد تنخفض قيم المجالات الداخلية مقارنةً بنظيراتها الخارجية وذلك حسب نوع المجال الخارجي (كونه كهربائياً أو مغناطيسياً)، وحسب نوع الغرض الذي تم اختراقه كما هو موضح تالياً.
يضعف المجال الكهربائي عند اختراقه للأغراض المختلفة مثل الحوائط والأجسام الحية حيث تقل شدته بصورة كبيرة بالمقارنة بشدته في الهواء خارج الجسم متأثراً بالشروط الحدودية (Boundary Conditions) الناشئة عن النظرية الكهرومغناطيسية التي تتطلب أن تكون كثافة التيار (Current Density) داخل الجسم مساوية تقريباً لكثافة تيار الإزاحة (Displacement Current Density) خارج الجسم.
وعلى عكس المجال الكهربائي ينفذ المجال المغناطيسي بقوة في الحوائط والأجسام الحية وفي معظم المواد الأخرى عدا بعض أنواع المعادن التي تحد من شدته، يخترق المجال المغناطيسي الأجسام الحية بكامل شدته أي تكون شدة المجال المغناطيسي داخل الجسم مساوية لشدته خارجه؛ نظراً لأن الأنسجة الحية تعد مواداً غير معدنية أي غير قادرة على حجب المجال المغناطيسي.
التيارات المحثة كهربائياً ومغناطيسياً في جسم الإنسان:
تعرض العديد من الدراسات لعمليات الحث الكهربائي والمغناطيسي في الأجسام الحية ومنها جسم الإنسان، والتي تحدث نتيجة تعرض الجسم للقوى المدفوعة بالشحنات والتيارات الخارجية مثل تلك الخاصة بخطوط القوى الكهربائية وينتج عنها ما يعرف بتيار الحث الكهربائي وتيار الحث المغناطيسي.
1- تيار الحث الكهربائي:
– ينشىء المجال الكهربائي الخارجي مجالأً كهربائياً داخل جسم الإنسان، ويتحول تيار الإزاحة (Displacement Current) خارج الجسم إلى تيار توصيل (Conduction Current) داخل الجسم.
– يكون المجال الكهربائي المحث داخل جسم الإنسان نتيجة التعرض للمجال الكهربائي الخارجي الناتج عن الخط عمودياً تقريباً على سطح الجسم.
2- تيار الحث المغناطيسي:
– ينشىء المجال المغناطيسي الخارجي – طبقاً لنظرية الحث المغناطيسي للتيار المتردد “قانون فاراداى” – مجالأً كهربائياً داخل جسم الإنسان والذي ينتج عنه تياراً داخل الجسم، وتعتمد قيمة كثافة هذا التيار المحث على المجال الكهربائي الداخلي (المحث) والموصلية الكهربائية الجسم (Electrical Conductivity).
– تكون المركبات الثلاثة للمجال الكهربائي المحث داخل الجسم محيطية (Circumferential) أي في أسطح أو مستويات عمودية على المركبات الثلاثة للمجال المغناطيسي الخارجي (x, y and z components).
في إحدى الدراسات تم تقييم تيارات الحث المغناطيسي مقارنة بتيارات الحث الكهربائي بالتطبيق على نموذج لجسم إنسان على شكل كروي ممطوط (Spheroid) طوله (2a) وعرضه (2b)، كما هو موضح بالشكل رقم (1).
شكل (1): نموذج مبسط لجسم إنسان في حالة الوقوف.
يوضح الشكل رقم (2) تغير قيمة كثافة التيار المحث على طول جسم الإنسان نتيجة لتعرضه لمجال مغناطيسي رأسي متغير قيمته 1 ميكرو تسلا (عند الرأس).
شكل (2): قيم كثافة التيار المحث مغناطيسياً على طول جسم الإنسان (قيمة المجال 1 ميكرو تسلا).
نلاحظ من الشكل أن أقصى قيمة لكثافة التيار المحث مغناطيسياً تبلغ نحو 1 ميكرو أمبير/متر مربع (لكل 1 ميكرو تسلا من المجال المغناطيسي الخارجي) وتكون عند أقصى محيط للجسم (أي عند منتصف الجسم طبقاً للنموذج المستخدم).
ويوضح الشكل رقم (3) مقارنة بين تغير قيمة كثافة التيار المحث كهربائياً وكثافة التيار المحث مغناطيسياً على طول جسم الإنسان نتيجة لتعرضه للمجالين الكهربائي والمغناطيسي تحت المحور وعند منتصف البحر (Beneath Centerline at mid-span) لخط نقل كهرباء جهد (500 ك.ف) مفرد الدائرة ويحمل تياراً قيمته (2000 أمبير).
الفروض:
– ارتفاع الجسم 180 سم، وعرضه 30 سم.
– متوسط الموصلية الكهربائية للجسم 0.1 S/m (تختلف الموصلية حسب نوع العضو بالجسم).
شكل (3): مقارنة كثافة التيار المحث كهربائياً ومغناطيسياً على طول جسم الإنسان تحت خط جهد 500 ك.ف.
نلاحظ من الشكل أنه على طول جسم الإنسان يكون أقصى تيار محث نتيجة المجال المغناطيسي الخارجي (تيار الحث المغناطيسي) عند منتصف الجسم (عند أقصى محيط)، بينما يكون أقصى تيار محث نتيجة المجال الكهربائي الخارجي (تيار الحث الكهربائي) عند أعلى الجسم، كما أن تيار الحث المغناطيسي يكون أكبر من تيار الحث الكهربائي وذلك على طول ارتفاع الجسم فيما عدا الأجزاء العليا منه.
خلصت الدراسة إلى أن الفارق بين تيار الحث المغناطيسي وتيار الحث الكهربائي يزداد بانخفاض جهد الخط، وبالتالي فمن المتوقع أن يكون الحث المغناطيسي عند مستويات الجهد المنخفض أشد خطورة من الحث الكهربائي.
وفي دراسة أخرى تم تقييم تيار الحث الكهربائي داخل الأعضاء الرئيسية بجسم الإنسان (المخ – الرئتين – القلب – الكبد – الأمعاء) تحت خط جهد 500 ك.ف مزدوج الدائرة (عند منتصف البحر)، تم اعتبار ارتفاع الجسم 180 سم مع تمثيل أجزاء الجسم على هيئة أشكال كروية (كالرأس)، وكروية ممطوطة (كالكبد)، وأسطوانية (كاليدين)، وتختلف الموصلية الكهربائية حسب العضو حيث تتراوح بين نحو (0.04 S/m) للكبد إلى نحو (0.5 S/m) للأمعاء.
أوضحت الدراسة أن أقصى كثافة تيار في جسم الإنسان تحدث في منطقة أعلى الرئتين وتبلغ نحو (54 ميكرو أمبير/متر مربع) نظراً لتعرض هذه المنطقة من الجسم لقيم عالية من المجالات الكهربائية الداخلية (المحثة) وكذلك ارتفاع قيمة الموصلية الكهربائية لها.
المراجع:
1- Jiguparmar, How HV transmission lines affects humans and plants? https://electrical-engineering-portal.com.
2- M. A. Abdallah, Shaher A. Mahmoud and H. I. Anis, Interaction of Environmental ELF Electromagnetic Fields with Living Bodies, Electric Machines and Power Systems, 28: 301 – 312, 2000.
3- Apichart Siriwitpreecha and Phadungsak Rattanadecho, Numerical analysis of biological effects on several organs inside human body exposed to electric field from 500 kV OHTLs, Songklanakarin J. Sci. Technol, 41 (3), 649-657, May -Jun. 2019.