يستمر إرتفاع أستهلاك الطاقة عالمياً في ظل نمو اقتصادي عالمي وتزايد في عدد السكان ونمط استهلاكي يقوده تحول في الرفاه، لذلك تشير الاحصاءات الى ارتفاع استهلاك العالم من الكهرباء في 2021 الى حوالي 25،343 تيرا واط بالساعة من 7،323 تيراواط بالساعة في 1980 ما يعادل ارتفاع بنسبة 71٪, ومن المتوقع أن يزداد بنسبة 30٪ أخرى بحلول عام 2040، علاوة على ذلك تعد الطاقة المساهم الرئيسي في تغير المناخ، حيث تشكل ما يقرب من 60٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم.
تعتبر الطاقة أمر بالغ الأهمية للعالم ولكنها غالبًا ما تمثل تكلفة كبيرة في الاقتصاد والتأثيرات السلبية للبيئة، ان اتخاذ إجراءات لإدارة استهلاكنا للطاقة بشكل أفضل وكفاءة عالية لا يساعد على نظافة كوكبنا وحسب بل يزيد من كفاءة أدارة مواردنا ليستفيد الجميع، فقد أظهرت دراسة بتكليف من مؤسسة ClimateWorks ، تعمل في مجال مكافحة تغير المناخ ، أنه إذا تم القيام بالمزيد لتحسين كفاءة الطاقة وتقليل نمو الكربون في قطاعي الصناعة والبناء وحدهما فأنه يمكننا تحقيق توفير يزيد عن 3.2 تريليون دولار أمريكي في موازنات الصحة العامة، لذلك كانت الحاجة لنظام لإدارة الطاقة بكفاءة عالية قضية ملحة ومن هنا ظهر نظام ISO 50001 في 2011 كأحد الانظمة الدولية التى تساعد في توفير معايير موثوقة في ادارة الطاقة وتحسين أداء الطاقة في المؤسسات والمنظمات، وتحقيق التوازن بين الجوانب الاقتصادية والبيئية والاجتماعية. ويتضمن المعيار مجموعة من المتطلبات والإرشادات لإدارة الطاقة بشكل فعال، بما في ذلك تحديد الأهداف والخطط وتنفيذها ومراقبتها وتحسينها، ويمكن للمؤسسات والمنظمات تطبيق هذا المعيار بشكل مستقل أو تحت جهات معتمدة. ويمكن أن يؤدي تطبيق المعيار إلى تحسين كفاءة استخدام الطاقة وتقليل تكاليف الطاقة، وتحسين صورة المؤسسة في المجتمع، وتحقيق الاستدامة ومحاربة الكربون.
ما هو نظام إدارة الطاقة؟
يساعد نظام إدارة الطاقة المؤسسات والشركات على إدارة استخدام الطاقة بشكل أفضل وبالتالي تحسين الإنتاجية. وهي تنطوي على تطوير وتنفيذ سياسة للطاقة، وتحديد أهداف قابلة للتحقيق لاستخدام الطاقة، وتصميم خطط عمل للوصول إليها وقياس التقدم. قد يشمل ذلك تنفيذ تقنيات جديدة موفرة للطاقة، أو تقليل هدر الطاقة أو تحسين العمليات الحالية لخفض تكاليف الطاقة.
يمنح ISO 50001 المؤسسات إطارًا معترفًا به لتطوير نظام فعال لإدارة الطاقة. مثل معايير نظام إدارة ISO الأخرى ، فإنه يتبع عملية”Plan-Do-Check-Act“ للتحسين المستمر.
يستهدف نظام إدارة الطاقة كمعيار عالمي الى تحقيق عدة أهداف رئيسية ومنها:
- تطوير سياسة ممارسة استهلاك أكثر كفاءة للطاقة.
- وضع أطر ومؤشرات لتحديد الأهداف والغايات لتنفيذ سياسات إدارة الطاقة.
- يستهدف نظام ادارة الطاقة الى جمع كل البيانات المرتبطة بإنتاج واستهلاك الطاقة لتحليلها وفهمها لتطوير تقنيات أفضل وتطوير القرارات والسياسات المتعلقة باستخدام الطاقة.
- قياس النتائج لهذه السياسات والقرارات والمؤشرات التي تم الوصول اليها.
- اهمية مراجعة فعالية السياسات والقرارات بشكل دوري.
- اهمية التحسين المستمر لإدارة الطاقة وكفاءة الاستهلاك.
تم تصميم ISO 50001 كأحد المعايير الدولية في ادارة الطاقة ليساعد في تنفيذ رؤية عالمية بتحسين أداء الطاقة من خلال الاستخدام الأفضل للأصول والانظمة المستهلكة للطاقة مما يقلل من التكلفة والاستهلاك الغير منضبط مما يساهم في تعظيم الاستخدام الأمثل لمصادر الطاقة والأصول المتعلقة بالطاقة، والحد من التأثير البيئي وخفض التكاليف وتحسين القدرة التنافسية للمؤسسات.
وقائمة المعايير اكثر من ذلك ولكل معيار مجالات تطبيقه وهي مستمرة بالإضافة والتطوير.
يمكن أن يحقق تنفيذ نظام إدارة الطاقة (EnMS) بناءً على ISO 50001 العديد من الفوائد للمؤسسة ، بما في ذلك:
- توفير التكاليف: من خلال تحديد فرص توفير الطاقة وترتيبها حسب الأولوية، يمكن للمؤسسات تقليل استهلاكها للطاقة والتكاليف المرتبطة بها.
- تحسين كفاءة الطاقة: يمكن لنظام إدارة الطاقة أن يساعد المؤسسات على تحسين كفاءتها في استخدام الطاقة من خلال تحسين استخدام الطاقة وتقليل النفايات.
- تحسين الأداء البيئي: من خلال تقليل استهلاك الطاقة وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري المصاحبة لها، يمكن للمنظمات تحسين ادائها البيئي وتقليل البصمة الكربونية.
- زيادة القدرة التنافسية: يمكن للمنظمات التي تطبق نظام إدارة الطاقة أن تثبت التزامها بكفاءة الطاقة والاستدامة البيئية، مما يمكن أن يعزز سمعتها وقدرتها التنافسية.
- الامتثال التنظيمي: يمكن أن يساعد تطبيق نظام إدارة الطاقة المنظمات على الامتثال للوائح والمعايير المتعلقة بالطاقة.
- تحسين مشاركة أصحاب المصلحة مع جهات ومؤسسات خارجية كالموردين بشأن كفاءة الطاقة وقضايا الاستدامة البيئية.
- التحسين المستمر: يوفر نظام إدارة الطاقة إطار عمل للمنظمات لتحسين أداء الطاقة باستمرار وتحقيق نتائج مستدامة على المدى الطويل.
تجارب عالمية في مجال تطبيق انظمة إدارة الطاقة:
- شركة تويوتا: طبقت النظام في مصنعها بولاية كنتاكي وحققت انخفاض بنسبة 16.3٪ بكثافة الطاقة خلال سنتين وتحقيق وفر سنوي بقيمة 4.2 مليون دولار، كما حققت الشركة وفورات في الطاقة بلغت 8.15 جيجاوات ساعة عبر مصانعها البالغ عددها 14 ،وخفضت انبعاثاتها من الغازات الدفيئة بمقدار 7،804 أطنان.
- شركة 3M طبقت انظمة ادارة الطاقة في مصنعها في كوردوفا، إلينوي، وحققت انخفاضًا بالتكاليف بنسبة 30٪ في استخدام الطاقة على مدى ثلاث سنوات، مما أدى إلى توفير سنوي في التكاليف قدره 750.000 دولار، في مراجعة لإدارة انظمة الطاقة في عام 2020 استمرت التكاليف التشغيلية في الانخفاض، وخفض بصمة الكربون، وازدادت موثوقية إمدادات الطاقة، واستمر تعزيز صورة العلامة التجارية للشركة.
- شركة شنايدر إلكتريك المتخصصة في صناعة انظمة الطاقة، قامت بتطبيق نظام إدارة الطاقة في منشاتها التصنيعية فيميسيسوجا، كندا، وحققت انخفاضًا بنسبة 10٪ في استخدام الطاقة على مدى ثلاث سنوات، مما أدى إلى توفير سنوي في التكاليف قدره 800 الف دولار كندي.
تطبيق أنظمة ادارة الطاقة قادت الى تحسين كفاءة استخدام الطاقة، وتقليل الانبعاثات الكربونية وابراز دور المؤسسة في الطاقة الخضراء،وتحسين صورة المؤسسة إعلاميًا ومجتمعيًا وتحسين قدرتها التنافسية، وتحسين إدارة الطاقة في تنفيذ أفضل الممارسات، وتحسين الاداءالمالي للمؤسسة وزيادة الموثوقية ورفع كفاءة الأصول الكهربائية