تخطى إلى المحتوى

هل ستهيمن السيارات الكهربائية على سيارات المحرك الإحتراقي بحلول ٢٠٣٥؟

تسعى العديد من الدول الأوروبية وبعض الولايات في أمريكا وأستراليا إلى حظر إستخدام السيارات ذات المحرك الإحتراقي بحلول (٢٠٣٥م) في سبيل الحد من الإنبعاثات الكربونية. فهل ستهيمن السيارات الكهربائية في ذلك الوقت أم سيكون مصيرها كما حدث في عام ( ١٩٣٥م) ولنفس الأسباب. عندما يحدث التغيير فهو مجرد إعادة للتاريخ وهذا هو الحال مع السيارات الكهربائية لذلك من المهم عرض تاريخها لتوضيح الفكرة.

أول سيارة كهربائية تم تصنيعها في عام (١٨٣٢م) وكانت عبارة عن عربة كهربائية أخترعت بواسطة العالم الأسكتدلندي “Robert Anderson” وكانت تسير باستخدام المحرك الكهرومغناطيسي وتستخدم بطارية غير قابلة لإعادة الشحن لكن في عام (١٨٥٩م) بدأت السيارات الكهربائية تأخذ منعطفا آخر عندما إخترع العالم الفرنسي “Plante” بطاريات قابلة لإعادة الشحن و ساعد هذا الأختراع في ازدياد الإقبال على السيارات الكهربائية وفي نفس الوقت كانت سيارات المحرك الإحتراقي في طور التطوير وكانا معا في منافسة شديدة. في عام (١٩٠١م) تم تصنيع أول سيارة مدمجة للبطارية الكهربائية مع المحرك الإحتراقي على يد العالم  “Ferdinard Porche”.ووصلت السيارات الكهربائية ذروتها بين عامي (١٩٠٠م) و (١٩٢٠م) حيث تم إستخدام قرابة (٣٠٠٠٠) سيارة كهربائية مثلا في الولايات المتحدة ، وكانت تحتل (٤٠٪) من السيارات المستخدمة آنذاك، والنسبة المتبقية مابين السيارات البخارية والسيارات ذات المحرك الإحتراقي والتي تمثل (٢٢٪). لكن نظراً لاكتشاف العديد من الحقول النفطية في أمريكا ، قررت الحكومة الإستثمار في سوق النفط و فرض ضريبة على مستخدمي السيارات الكهربائية.

بداية القرن العشرين كانت بمثابة إندثار للسيارات الكهربائية حيث تم تطوير المحرك الحراري نظراً لوجود الديزل بوفرة والذي يستهلك طاقة أقل كما اخترع “Ford” نظام التجميع “assembling line” لتطوير سيارات المحرك الإحتراقي وأيضا اكتشاف الزيت الخام في تكساس بكميات كبيرة. ومما زاد الأمر سوءاً أن البطاريات الكهربائية كانت ذات نطاق محدود وتعاني من طول فترة الشحن و كذلك فرض الضرائب وتوجه الإستثمار لمنتجات النفط وعدم تمويل الأبحاث والتطوير للبطاريات الكهربائية والبنية التحتية للسيارات الكهربائية . وبحلول (١٩٣٥م) كانت السيارات الكهربائية إختفت تماما من السوق ولأكثر من (٣٠) عاماً نتيجة لرخص أسعار ووفرة منتجات النفط والتطور المستمر لسيارات المحرك الإحتراقي .لكن بين عامي (١٩٦٠م) و (١٩٧٠م)، بدأت أسعار البنزين بالإزدياد مما جعل العودة للسيارات الكهربائية حلاً بديلاً للحد من أسعار النفط . لذلك وجد العديد من مصنعي السيارات فرصة لإنشاء خط انتاج ثاني للسيارات الكهربائية لكن في نهاية السبعينات هذا الإهتمام في السيارات الكهربائية بدأ بالتلاشي مرة أخرى نتيجة الأسباب القديمة ذاتها.

وبحلول (١٩٨٠م) بدأت اللوائح الفيدرالية والولايات الامريكية كمثال بالإهتمام بشأن السيارات الكهربائية وتطويرها ودعمت الأبحاث لتطوير تقنية البطاريات. وفي عام (١٩٩٦م)، صممت “General Motor” أول  نموذج سيارة كهربائية لها (EV1)، وتم توزيعها بشكل كبير حتى الزمن الحالي القريب مستخدمة بطارية الرصاص الحمضية. وفي عام ( ١٩٩٧م) قدمت تويوتا أول إنتاج للسيارات المدمجة وتم تصنيعها بشكل كبير. وفي عام (٢٠٠٦م) إستخدمت شركة تيسلا الناشئة في وادي السيليكون بطارية الليثيوم لتصنيع نموذج (Tesla Roadster). و في عام (٢٠٠٩م) اطلقت “General Motor” نموذج (Chevy Volt). وبحلول (٢٠١٤م)، كانت هناك أكثر من (٢٣) نموذج للسيارات الكهربائية الموصلة بالكابل للشحن و (٣٦) نموذج للسيارات الكهربائية المدمجة في السوق العالمي .

وحتى عام ( ٢٠٢٢م) ورغم التطوير والأبحاث وظهور نماذج فارهة للسيارات ألا إنها لا تغطي احتياجات الإنسان متوسط وضعيف الدخل للأسباب نفسها و ضل هناك الكثير من التحديات التي تواجه السيارات الكهربائية مثل محدودية نطاق القيادة ، التكلفة العالية عند الشراء، فترة الشحن الطويل للبطارية ومحدودية البنية التحتية وعجز الطاقة النظيفة لتوفير الطاقة اللازمة لشحن البطاريات خاصة في فصل الشتاء أم أنها ستسخدم النفط لتوليد الكهرباء لشحن البطاريات وفي هذه الحالة تنتفي الفائدة من استخدام السيارات الكهربائية في الأساس. وبغض النظر عن دعم بعض الحكومات الآنفة الذكر للسيارات الكهربائية , هل قرار فرض استخدام السيارات الكهربائية بحلول عام ( ٢٠٣٥م) هي قابلة للتحقق رغم وجود التحديات أم أن التاريخ سيعيد نفسه من جديد وستنسحب السيارات الكهربائية من الاسواق العالمية مرة أخرى؟ عموماً، هذا التاريخ والواقع و المعطيات الحالية لكن من يعلم ما قد يحدث في المستقبل؟

كاتب

  • د. عواطف العتيبي

    محاضرة في جامعة الملك خالد في قسم نظم المعلومات. مهتمة بالمدن والخدمات الذكية و السيارات الكهربائية و خصوصية المعلومات.

    View all posts