غالبًا ما تحرص على أداء مهامك على أكمل وجه، سواء كنت طالبًا تسعى لتسليم أفضل نسخة من واجبك، موظفًا تريد إبهار المسؤولين، أو حتى هاويًا للخبز تبحث عن أفضل وصفة. بدلًا من البحث عن شخص متخصص في مهمتك “إن وجد” وانتظار رده، فإنك غالبًا ما تلجأ إلى محركات الذكاء الاصطناعي الحديثة للتحقق من أنك على الطريق الصحيح. هنا يطرح سؤال حقيقي: كيف أصبح الذكاء الاصطناعي قادرًا على توفير جواب، بل عدة أجوبة على أسئلتك مهما كان نوعها؟ كيف استطاع الإجابة بتفكير مشابه لعقلك البشري؟
مفهوم الشبكات العصبية
تعتمد تطبيقات الذكاء الاصطناعي على نماذج حاسوبية مستوحاة من طريقة عمل الدماغ البشري والتي تسمى بالشبكات العصبية. تتألف هذه الشبكات من وحدات معالجة تُسمى “الخلايا العصبية” أو “العُقد”، والتي ترتبط ببعضها البعض عبر “وصلات” تُعرف باسم “الأوزان”. تُستخدم الشبكات العصبية في الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لمعالجة البيانات والتعرف على الأنماط وحل المشكلات بطريقة مشابهة لكيفية معالجة الدماغ البشري للمعلومات. تعرف هذه التقنيات الآن باسم التعلم العميق المستند إلى علوم الإحصاء، الرياضيات، والبرمجة. وقد تم تطويرها بشكل كبير، واليوم تحقق الشبكات العصبية العميقة والتعلم العميق أداءً متميزًا في العديد من المشكلات المهمة حولنا.
أنواع النماذج الأساسية
تعتمد الشبكات العصبية على نموذجين أساسيين يشكلان حجر الأساس في التنبؤ العلمي:
- الانحدار الخطي: يتنبأ بالبيانات الرقمية مثل العمر والطول. يتميز هذا النموذج بأنه يعالج البيانات كمعادلة تنبؤ حسابية دون تخزينها مباشرة. ومع ذلك، يعيبه عدم قدرته على استخراج بيانات غير رقمية. على سبيل المثال، يمكنه توقع مرتب موظف يبلغ من العمر 31 عامًا ولديه سبع سنوات من الخبرة، لكنه لا يستطيع تصنيفه كمرتفع أو منخفض.
- الانحدار غير الخطي: يتخصص في تصنيف البيانات، مما يجعله أقرب إلى طريقة تفكير الدماغ البشري. فبدلًا من التعبير عن المعلومات بقيم مطلقة، يحاول النموذج توقع وتصنيف المشكلة. يتم ذلك من خلال استخدام دالة التنشيط (Activation Function)، والتي تحول القيم إلى نطاق بين 0 و1 لتحديد أي من النتائج أكثر احتمالًا للتحقق. على سبيل المثال، بدلاً من القول بأن درجة الحرارة تساوي 39°C، يستطيع هذا النموذج التعبير عنها بأن “الجو حار”.
هيكلة الشبكات العصبية الاصطناعية
تتكون الشبكات العصبية الاصطناعية (ANN) من ثلاث مستويات رئيسية:
- مستوى المدخلات: يحتوي على عدد من العقد التي تمثل المتغيرات المستقلة.
- المستوى المخفي: قد يتضمن أكثر من مستوى مخفي لمعالجة البيانات بعمق.
- مستوى المخرجات: يقدم النتائج النهائية بعد تحليل البيانات.
هذه المستويات تتضمن العقد، والتي تُعرف بأنها نقاط الارتباط العصبي بين مستويات الشبكة العصبية، بالإضافة إلى الأوزان التي تحدد مدى قوة ارتباط العقد بين المستويات المختلفة.
التطبيقات العملية
ساهمت الشبكات العصبية في إحداث تحولات كبيرة في العديد من المجالات، ومن أبرز تطبيقاتها:
- التعرف على الصور والصوت: تُستخدم في تقنيات التعرف على الوجه، تحليل الصور الطبية، والتعرف على الصوت في المساعدات الذكية مثل Siri وGoogle Assistant.
- التشخيص الطبي: تُستخدم في توقع الأمراض وتحليل صور الأشعة الطبية بدقة تفوق الإنسان في بعض الحالات.
- المركبات الذاتية القيادة: تمكن السيارات الذكية من التعرف على البيئة المحيطة واتخاذ قرارات لحظية لتجنب الحوادث.
- التمويل والتجارة الإلكترونية: تُستخدم في التنبؤ بسوق الأسهم، اكتشاف الاحتيال المالي، وتحليل سلوك العملاء.
التحديات والآفاق المستقبلية
رغم الإنجازات الهائلة، تواجه الشبكات العصبية عدة تحديات، مثل الحاجة إلى كميات ضخمة من البيانات، متطلبات الحوسبة العالية، وصعوبة تفسير قراراتها. مع ذلك، تستمر الأبحاث في تحسين كفاءة الشبكات العصبية وتطوير نماذج أكثر قدرة على محاكاة الذكاء البشري.
ختامَا
تمثل الشبكات العصبية الاصطناعية حجر الأساس في نهضة تقنية مستوحاة من الدماغ البشري. ومع استمرار التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، من المتوقع أن تلعب هذه التقنية دورًا متزايدًا في تحسين حياتنا اليومية، وتوفير حلول مبتكرة للتحديات العالمية.
المراجع
- ايفان علاء ناظم. (2009). استخدام نماذج الشبكات العصبية الاصطناعية للتنبؤ والمقارنة. Journal of Economics and Administrative Sciences, 15(56), 201-201.
- Aggarwal, C. C. (2018). Neural networks and deep learning (Vol. 10, No. 978, p. 3). Cham: springer.
- Nielsen, A. (2015). Neural networks and deep learning.