المترجم: هذا المقال مختصر لورقة عمل و تجربة لأحد تطبيقات الاقتصاد السلوكي في مجال ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية
الكاتب: روبرت ميتكالف، أستاذ مساعد مختص في القوانين و الأسواق و السياسات في كلية كويستروم للأعمال في جامعة بوسطن.
إما بتخطيط مسبق أو مصادفةً، فإن الوكزات تحيط بنا من كل جانب. صُمِمَ سلوكنا بناءاً على التغيرات المعلوماتية و البيئية التي تُوجهنا بدون حوافز مالية. بدءاً من تغيير قرار المستهلك و اختيار حالة افتراضية له يكون فيها مشتركاً و يُعطى الخيار للانسحاب، بدلاً من أن يعطى خيار الاشتراك، و وصولاً إلى إشعار المشترك بأن أصدقاؤه سيطلعون على قراره، و ربما عامة الناس أيضاً.
كثير من الوكزات قد تفقد فعاليتها إذا كثرت و تداخلت، بينما تعتبر فعالة بحد ذاتها لو كانت منفصلة. مما يُحدث مشاكل عند تصميم تدخلات تحفيزية سلوكية فعالة. و إذا كان تأثير مجموع عدة وكزات أقل من مجموع تأثيرها منفصلة، فقد يُبالغ في الوكزات مما يفقدها الفعالية.
لا توضح الأبحاث الحالية طبيعة المشكلة و حجمها بشكل كافي. ففي علم النفس الاجتماعي، أظهرت الأبحاث بأن الشخص المستهدف بالبحث سيظهر استعداده لاتخاذ قرارات تعود بالنفع على المجتمع إذا أبلغه الباحث بذلك، و لكن التأثير الحقيقي غامض. كما أظهرت عينة أخرى من الأبحاث بأن سلوك الفرد في اتخاذ قرارات داعمة للمجتمع، قد يؤثر على سلوكه في المستقبل و على اتخاذ قرارات إما أن تكون أكثر أو أقل أنانية. و هذه الحالة من عدم الوضوح لا تساعد صناع السياسات على اختيار مجموعة فعالة من الوكزات.
في هذه الورقة العلمية المنشورة في الأكاديمية الوطنية للعلوم، قمت و زملائي بدراسة ما إذا كانت مجموعة من الوكزات المختلفة و لكن في ذات الوقت مرتبطة مع بعضها، قد أثرت على استعداد الفرد لتبني هذا السلوك المفيد مجتمعياً. و ذلك عبر مقارنة تأثير وكزتين، مرة منفصلتين و مرة أخرى مدموجتين. و عبر إجابة سؤال: هل كثرة الوكزات تؤثر على فعاليتها أما لا؟.
عملنا مع شركة كهرباء Opower، لتنفيذ تجربة سلوكية كبيرة في جنوب كاليفورنيا خلال صيف عام 2014. فعندما يصل الحمل الكهربائي إلى ذروته، يرغب صناع السياسات عموماً في تقليل الطلب، و ذلك بسبب نشوء اختلاف في أسعار الجملة للطاقة الكهربائية و أسعار إعادة البيع، كما أن تحويل جزء من استهلاك الطاقة الكهربائية إلى فترات أخرى في اليوم غير وقت الذروة ينعكس بدوره على تخفيض الانبعاثات الكربونية و يعود بالنفع على المجتمع ككل.
قمنا بتطوير وكزتين، واحدة استهدفت استهلاك الطاقة الكهربائية خلال وقت الذروة (Peak Energy Report PER) و الأخرى استهدفت الاستهلاك الإجمالي للطاقة الكهربائية (Home Energy Report HER).
نماذج الاتصالات التي أجريت مع المستهلكين
إشعار إليكتروني بالاستهلاك
استهدفنا بشكل عشوائي 42100 منزل، لأكثر من 3 أيام ذات حمل ذروي عالي. قسمت العينة إلى 3 مجموعات: الأولى لم يتلقوا أي تواصل منا، و الثانية تلقوا إشعارات تحفيزية تخص إما تخفيض الاستهلاك وقت الذروة أو تخفيض الاستهلاك عموماً، و الثالثة تلقوا إشعارات تحفيزية لتخفيض الاستهلاك وقت الذروة و كذلك إشعاراتٍ أخرى لتخفيض الاستهلاك عموماً. ثم جمعنا قيم الاستهلاك لكل ساعة خلال تلك الفترة، و تجاوز عددها 30 مليون قيمة.
لتقييم تزاحم الوكزات، قارنا تأثير تلقي الصنفين (PER and HER) من الوكزات خلال فترات الحمل الذروي، مع تأثير مجموع تلقي كل وكزة على حدة. إذا كان تأثير تلقي الوكزتين في الحالة الأولى أقل من مجموع تأثير تلقي كل وكزة على حدة، فأن تلقي أكثر من وكزة واحدة يشوش على المستهلك، مما يؤثر على تفاعله مع الوكزات الإضافية.
أظهرت النتائج أن تلقي إشعاراتٍ سلوكية تحفيزية مرتبطة بتخفيض الاستهلاك خلال وقت الذروة فقط (PER) ينتج تخفيضاً في الاستهلاك بمقدار 3.8% خلال وقت الذروة. بينما تسببت الإشعارات التحفيزية المتعلقة بتخفيض الاستهلاك عموماً (HER) بتخفيض الاستهلاك الكهربائي بنسبة 2.1%. و عندما تلقى المستهلكون الوكزتين كليهما، فإن الخفض الناتج في استهلاك الطاقة الكهربائية وصل إلى 6.8%. و لكي نتصور هذه النسب، فإن هذا التخفيض يعادل تقريباً 70% من زيادة أسعار الكهرباء خلال أوقات ذروة الحمل. و يمكن القول بأن تلقي إشعاراً تحفيزياً لتخفيض الاستهلاك خلال وقت الذروة (PER) لم يُهَمل من قبل المستهلكين الذين تلقوا إشعاراً تحفيزياً مسبقاً يخص تخفيض الاستهلاك عموماً (HER)، و يتضح أن الوكزتين بمجموعهما عملتا بفعالية، و أضافت الثانية على الأولى.
يوضح الرسم البياني الأول تأثير ثلاث مجموعات خلال اليوم، كما هو مبين في أسفل الرسم، و يتضح خلال وقت الذروة (1 ظهراً و حتى 6 عصراً) أن الاستهلاك للمجموعة التي تلقت الوكزتين انخفض أكثر من التخفيض الذي تسببت به كل مجموعة على حدة. و في الرسم البياني الثاني، مقارنة بين استهلاك الكهرباء للمجموعة التي تلقت الوكزتين مع مجموع التخفيض الذي تسببت به كل مجموعة على حدة (أي مجموع كمية الاستهلاك المخفض بسبب المجموعة التي تلقت إشعاراً تحفيزياً بالتخفيض وقت الذروة و المجموعة التي تلقت إشعاراً تحفيزياً بالتخفيض عموماً).
رغم أنه لا يمكن تعميم هذه الدراسة على كافة المناطق و الصناعات، إلا أنها وفرت دليلاً ملموساً على فائدة تحفيز المستهلكين عبر عدة وكزات في الوقت نفسه في سوق الكهرباء، و من المهم تنفيذ دراسات أوسع في هذا السياق. و إن فهم كيفية تكامل و تفاعل الوكزات مع بعضها البعض أمر مهم للغاية بما أنه من النادر أن يواجه المستهلكون وكزات بشكل منفرد تماماً.