الصورة من ورقة منشورة لصاحبها Kuang-Hao
مما تنبئنا به علاقة شانون الشهيرة عن معدل البيانات المنقولة في الثانية الواحدة في قناة اتصال، أنها تتناسب طرديا مع عرض النطاق الترددي المستخدم فيها (BW)، وطرديا مع نسبة الإشارة إلى الشوشرة (SNR). عليه ومع التعطش الشديد للمستخدمين وحاجاتهم لمعدلات نقل بيانات عالية، وحيث صار الاتصال بالعالم الخارجي حاجة أكثر مما هو رفاهية؛ ظهرت اقتراحات على الساحة العلمية تهدف إلى تعزيز معدلات البيانات المنقولة للمستخدمين، وتزيد من جودة تقديم الخدمة. وذلك وفق الحواجز الهندسية وبعيدا عن الطرائق التقليدية بزيادتنا لعرض النطاق الترددي المستخدم، أو تحسين نسبة الإشارة إلى الشوشرة بزيادة القدرة المرسلة. فالأول محدود، والآخر يصطدم بإشكالات عدم القدرة على التوسع والزيادة المستمرة لإشكالات تتعلق بالحدود الآمنة لبث الموجات وإشكالات ميكانيكية صرنا نواجهها مع تركيب عدد أكثر من المستشعرات أو الهوائيات على البرج الواحد . مما يُفضي بنا إلى البحث عن حلول نوعية أخرى، منها حل السطوح الذكية القابلة للبرمجة.
مبدأ هذه السطوح ليس جديدا، وهو مستخدم في حلول أخرى. الفكرة من هذا المبدأ أن تكون هذه الأسطح مساعدا بينيا ما بين مرسل الإشارة ومستقبلها، فكل الإشارة التي يستقبلها السطح الواحد يعيد توجيهها ويصوبها نحو المستخدم النهائي. فهي إذا تسلط مزيدا من القدرة للمستخدم النهائي وعليه يتحسن معها معدل (SNR) بالتالي مقدار البيانات المنقولة.
لكن بطبيعة الحال لايوجد في الطبيعة مواد بإمكانها أداء هذه الوظائف، مما حدا المجتمع العلمي إلى اختراع مصطلح لمفهوم جديد يدعى بالمواد الفائقة (metamaterials)، والسطوح الفائقة (metasurfaces). إذ يتم إنشاؤها من وحدات بالغة الصغر قابلة للتحكم بها. إحدى الأمثلة لها هي السطوح الذكية.
ما يجعل فكرة هذه السطوح مميزا هو ما يراد لها أن تكون. حيث يراد منها أن تكون خاملة تقريبا، أي لا تستهلك أي قدرة كبيرة كهربائيا، وعلى ذلك هي قليلة التكلفة. بالتالي تكون مناسبة على جدران الغرف، وواجهات المباني، وأعمدة الإنارة، وغيرها. لتساهم إيجابا في شبكات الاتصالات اللاسلكية حولها، خاصةً مع الارتفاع المطرد في الآونة الأخيرة لاستخدام ترددات أعلى؛ للحاجة إلى عرض نطاق ترددي أكبر، أو لأن لا نطاقات متدنية متاحة. ومما يظهر هندسيا عند بث موجات بترددات أعلى هو أن عرض نطاق الأشعة المبثوثة يصير ضيقا جدا. كذلك فبث موجات بترددات راديوية عالية يجعل هذه الموجات تضمحل في مسافة أقل فلا تغطي الإشارة مساحة مقبولة. عليه لا يمكن استخدامها في كثير من التطبيقات مثل الشبكات الخلوية و(WiFi).
السطوح الذكية (RIS) تتألف من مجموعة كبيرة من العناصر الصغيرة يدعى كل منها بالذرات الصغرى الفائقة (meta-atom)، وهي عناصر خاملة (passive) وجميعها متصل بمتحكم (controller) يعمل على توجيهها وفقا للموجة الساقطة على السطح، ومكان المستخدم/المستخدمين النهائيين المراد خدمتهم.
إحدى الطرائق في بناء هذه السطوح مبنية على أشباه الموصلات. حيث أن كل خلية فائقة بها مؤلفة من عدد من الصمامات (diodes) من نوع (PIN). ويمكن تطبيق جهد الكهربائي على أي منها بالقيمة المطلوبة والاتجاه المطلوب. وعليه ومن خلال التحكم بها جميعا يتم التحكم بقيم السماحية (Permittivity (Ɛ)) والنفاذية (Permeability (μ)) للسطح ككل، وبالتالي التحكم بقيمة الانعكاس للموجة من هذا الوسط. من خلال ذلك يمكننا توجيهها للاتجاه المطلوب.
السطوح الذكية هي إحدى الأطروحات المتوقع أن تخدم الجيل السادس من الاتصالات. والكثير من الأطروحات والأوراق العلمية منشورة في هذا الشأن. وللاطلاع على المزيد في هذا الموضوع يمكنكم قراءة كتاب بعنوان (Reconfigurable Intelligent Surface-Empowered 6G) المتوفر في قارئ كيندل، أيضا الاطلاع على الورقة العلمية (Reconfigurable Intelligent Surfaces: Principles and Opportunities) المنشورة في IEEE.
أيضا للدكتور محمد الربيعة الأستاذ بقسم الهندسة الكهربائية بجامعة الملك سعود ورقة علمية في هذا الصدد وهي بعنوان (Enabling Large Intelligent Surfaces With Compressive Sensing and Deep Learning) على الرابط
https://ieeexplore.ieee.org/abstract/document/9370097