طيف الموجات الكهرومغناطيسية لا تخفى أهمية معرفته لأحد له سابق معرفة في مجال الاتصالات. والطيف الراديوي يعتبر باباً أساسياً في نقل الإشارة، واستثمار كل النطاقات أمر ذو أهميةٍ قصوى، مع الزيادة المُطَّرِدَة في تحول معيشة الإنسان إلى حياة رقمية تتطلب نقلاً عاليًا للبيانات في كلِّ لحظة. كذلك فإن لكُِلِّ حيزٍ ونطاق في الطيف الترددي ميزات تنفرد عن بعضها البعض. وفي هذا التمايز فرصٌ جمّةٌ في التطبيقات المختلفة، ما بين الاتصالات، والتحليل الطيفي، وغيرها.
المصدر: lts.fzu.cz
وبادئ ذي بدء، وعن طيف كل الموجات الكهرومغناطيسية. فإن الموجات الأقل تردداً لهذه الأجزاء هو الطيف الترددي، الذي يبتدئ من عند 3 هيرتز وصولًا إلى 300 جيجا هيرتز. ومن ثم يأتي بعده الضوء تحت الأحمر، فالضوء المرئي، فالضوء فوق البنفسجي، ثم إشعة إكس وجاما.
وعودةً للطيف الترددي، فليست كل أجزائه مستخدمة بالفعل، وبعضها غير مفهوم بالكامل حتى الآن. الجزء الأخير في الطيف الترددي هو ما يصطلح عليه بالموجات في نطاق التيرا هيرتز Terahertz والتي تُحد في نطاق (0.1THz – 10THz ) تظهر فيها خصائص مميزة، وهي موجات عالية بالتردد وفي حال استخدامها لتطبيقات الاتصالات فيعني ذلك توفر نطاق ترددي عريض جداً جداً قد يحقق لنا مستويات بنقل البيانات اللاسلكية تصل إلى تيرا بت في الثانية الواحدة! [ ملاحظة: لا اتفاق مجمع عليه على نطاق موجات التيرا هيرتز THz، وإن قُرئ من أكثر من مصدر يتحدث في هذا الموضوع فقد يختلفان في تحديد النطاق].
كذلك من ميزات هذا النطاق، أنه منقسم لجزئين، الأول في الطيف الترددي، والجزء الآخر في الضوء تحت الأحمر. لكن ولارتفاع تردد هذه الموجات، وصعوبة تصميم أجهزة تبعث بإشارات بهذا التردد؛ ظل هذا الحيز الترددي بعيداً عن الأنظار حتى وقت قريب.
وما جعله يظهر على الساحة الآن هو الحاجة المطردة للطيف الترددي، أيضًا خاصية الإمتصاص لجزيء الماء والأكسجين لموجاته مما يجعل سير الموجة في الغلاف الجوي أمراً مستحيلاً.
لكن وبحكم أن إمتصاص هذه الموجات عالٍ من جزئيات الماء والأكسجين وغيرها، فهذا يفتح المجال لنا لتصميم أجهزة تقوم بالتحليل الطيفي للأشياء واستخدامها في المطارات. كذلك للاستخدامات الطبية. مثلاً لو أمكننا عمل أجهزة تحليل طيفي وتصوير باستخدام التيرا هيرتز THz فهي ستكون أفضل بكل تأكيد من أجهزة التصوير باستخدام أشعة X-Ray. السبب لأن X-Ray أشعة مؤينة، بينما الأولى لا. لكن على الرغم من ذلك تبقى هناك مفاضلة ما بين الإثنين، ولكلٍّ إيجابيات وسلبيات.
النطاق الترددي أعلاه ولو لم يكن مناسبًا للاستخدامات الخارجية في الغلاف الجوي إلا أنها قد تكون حلاً جيداً للاستخدام في البيئات المغلقة. طيف ترددي جديد مستخدم يعني تخفيف العبء على النطاقات المستخدمة حالياً، ولو لم تكن هناك قيمة جديدة بحد ذاتها. وبالحديث عن تطبيقات الاتصالات، هناك دومًا ربط بين الجيل السادس للاتصالات والتطبيقات المميزة التي سيأتي بها وما بين الاتصالات بنطاق التيرا هيرتز THz والتي كما ذُكِر أعلاه ستمهد لنا الطريق نحو معدل نقل بيانات في التيرابت للثانية الواحدة. للاستزادة أكثر في هذا الموضوع الممتع، أوصي بقراءة ورقة علمية بعنوان:
(Seven Defining Features of Terahertz (THz)Wireless Systems: A Fellowship of (Communication and Sensing ).