تخطى إلى المحتوى

الاتصالات في أعماق البحار وقيعان المحيطات

 

إن كانت وسائل الاتصالات متعددة ويسيرة على اليابسة وفوق سطح البحر فإنها ليست كذلك في أعماق البحار والمحيطات والتي تغطي أكثر من ثلثي كوكبنا، والتطبيقات ليست عسكرية فقط بل تتعلق أيضاً في الاستخدامات المدنية كالبحث عن المعادن والنفط.
أكثر وسائل الاتصالات شيوعاً نستخدم معها الإشارات الراديوية Radio frequency signal مثل الاتصال مع الأقمار الصناعية، ولإمكانية ممارسة هذه التطبيقات لابد أن تقطع طاقة الموجة مسافة طويلة جداً أو على الأقل مسافة مقبولة لتطبيق نوع اتصالات جيد وذو جدوى.
النطاق الترددي مملوء إلى آخره بالتطبيقات المختلفة أحياناً لغرض التقسيم وعدم التداخل و أحياناً بحسب ما يناسب الوسط الذي تجري فيه عملية الاتصالات، الجدول أدناه مأخوذ من (ويكبيديا) وأقل الموجات تردداً على الإطلاق (3-30) هيرتز يستخدم لأغراض الاتصالات مع الغواصات.
الصورة
واستخدام مثل هذا التردد لا مناص عنه إن رغبنا بالاتصال بالغواصة وذلك بسبب ظاهرة معروفة وهي تضمحل فيها الموجة في الأوساط الموصلة كهربائياً، ولأن ماء البحر يحوي الملح وبسببه يعتبر موصلاً جيداً للكهرباء تضمحل الموجة جداً بدخولها لماء البحر وعمق الاختراق يتناسب عكسياً مع تردد الموجة.
وهذا يتم شرحه رياضياً بالمعادلة بالصورة أدناه، إذ يعبر الرمز (δ) عن عمق الاختراق والذي عنده تفقد الموجة 63% من قدرتها، وبالتقريب فإن الموجة تفقد كامل قدرتها بعد (5δ)، لاحظ أنه قيمة التردد بالمعادلة هي فقط القابلة للتغير والبقية تعتبر ثوابت رقمية بحسب الوسط.
الصورة
الجدول أدناه منقول من كتاب الكهرومغناطيسية الهندسية للدكتور مجيد الكنهل الأستاذ في جامعة الملك سعود والذي فيه طبق المعادلة أعلاه على أنواع من الترددات، لاحظ أن أغلب الموجات لاتقطع في البحر إلا سانتيمترات قليلة جداً.
الصورة
وهذا جعل مصممي تلك الأنظمة يستخدمون أقل تردد ممكن للاتصال مع الغواصة وهو ما بين (3 – 30) هيرتز الذي ورغم ذلك لايقطع إلا مسافة قصيرة جداً في البحر تقدر بعشرات الأمتار لا أكثر وهو الذي يحتاج في عملية الإرسال والاستقبال إلى هوائيات (antenna) ضخمة  وطويلة جداً؛ بسبب أن الطول الموجي للموجة سيكون طويلاً أيضاً، وبحسبة نظرية تقريبية بسيطة قمت بإيجاد طول الهوائي لعملية الإرسال بمعرفة أن أقل طول مطلوب لإرسال موجة هو عشر الطول الموجي لها.
الصورة
وإن أمكننا القيام بذلك باليابسة فذلك صعب في الغواصة فلا يمكن وضع مثل هذه الهوائيات فيها فيكون الاتصال باتجاه واحد، ومع الانخفاض بالتردد تكون كمية البيانات المنقولة أيضاً منخفضة جداً وبالكاد تكفي لحرف واحد ومن خلال حرف وحيد تفهم الغواصة أنهم يريدون إرسال رسالة وتتجه للسطح للاستقبال.
الصورة
صورة [1]: غواصة تقترب من السطح وترفع الهوائي المستشعر للقيام بعملية اتصالات.
ولكن هذه الطريقة على أي حال تجعل الغواصة عرضة للاكتشاف ومن ثم المباغتة وبالتالي تفقد الغواصة أهم ميزة لها وهي التخفي عن الأنظار، و بدلاً من ذلك تستخدم الموجات فوق الصوتية للاتصالات بين نقطتين داخل البحر وهي موجات ميكانيكية تعتمد على تضاغط الوسط الذي تمر به الموجة.
ولأن تردد مثل هذا النوع من الموجات متدنِ جداً من (10Hz إلى 1MHz) تكون كمية المعلومات المنقولة فيه متدنية أيضاً زمن استجابة عال جداً بسبب طريقة انتشار الموجة الحاملة، أيضاً يعتبر التحدي الأبرز فيها أنه لايمكنك التواصل مع جهات خارج البحر بهذه الموجات؛ لأن تأثير تضاغطها محدود فقط بالماء.
لذلك من الاقتراحات مثلاً إيجاد عوامات على سطح البحر في جزئها السفلي تتواصل مع الغواصة بطريقة ميكانيكية، ومن أعلاها يجد مستشعرات (هوائياتantennas) تتواصل بها مع الطائرات من جهة أخرى فتكون قناة بين الاثنين، لكن المشكلة أن أمواج المحيط ستقذف بها بعيداً و عليه لا يمكن الاعتماد عليها.
إحدى الأفكار أيضاً ابتكار نوع من (الدرونز) البرمائية والتي ما إن تستقبل رسالة محمولة على موجة راديوية تغوص بالبحر وترسلها عبر موجة صوتية للغواصة ثم ترتفع مجدداً للسطح.
هنالك أيضاً رسائل بحثية تقترح استخدام الضوء المرئي في عملية التواصل بين النقاط داخل البحر بدلاً من الموجات الصوتية، لكن المشكلة أنه للربط ما بين نقطتين ستكون بحاجة إلى إيجاد خط مستقيم ما بين الطرفين وهذه مشكلة، بالإضافة إلى مزايا أخرى مثل سعة نقل بيانات عال وزمن استجابة قليل.
الصورة
صورة [2]: نموذج لكيفية إيجاد شبكة اتصالات داخل الماء عن طريق استخدام الضوء للاتصالات مع ملاحظة ضرورة صنع خط مستقيم.
من مشاريع الاتصالات مشروع يسمى Translational Acoustic-RF communication وهدفه إيجاد طريقة اتصال مضمونة مابين غواصة إلى جسم محمول بالجو، فالغواصة ترسل موجات صوتية تصطدم بالسطح والجسم المحمول بالجو يرسل موجات يقرأ الموجة الصوتية من خلال استشعار الاهتزازات على سطح الماء.
الصورة
المشروع جداً جميل وتفكير خارج الصندوق، في الفيديو على الرابط أدناه نموذج مصغر للنظام، أيضاً في موقعهم رسالة بحثية عن التجربة أنصح بالقراءة والاطلاع بشدة، والصورة أعلاه من ذات الموقع أدناه:
https://www.media.mit.edu/projects/translational-acoustic-rf-tarf-communication/overview
أيضًا هناك رسالة بحثية من جامعة الملك عبدالله للعلوم و التقنية عن الاتصالات الضوئية تحت الماء وهي بعنوان: Light 
based underwater wireless communications على هذا الرابط.

كاتب