مقدمــــة:
أصبح إنسان اليوم يعي تماماً المنجزات الرائعة والابتكارات المذهلة التي تحققت في مجالات الكهرباء مما يرى لزاماً عليه حسن استخدامها والتعامل معها للاستمتاع بمزاياها الباهرة وفي نفس الوقت الوقاية من أخطارها الماحقة، وحيث إن مزايا ومنافع الكهرباء غير مجهولة بل معروفة لدى الجميع فقد واكب تزايد محطات التوليد وامتداد خطوط النقل واتساع شبكات التوزيع وتنوع استخدامات الطاقة الكهربائية في شتى مجالات الحياة تعاظم الحاجة للشعور بالأمان؛ لأنه قد يحدث بسبب الجهل أو التهاون أو سوء الاستخدام لهذه الطاقة حوادث مأساوية وكوارث مميتة سواءً من العاملين والقائمين بتنفيذ وتشغيل وإدارة وصيانة المحطات والشبكات الكهربائية أو من المستفيدين ،والمستخدمين ،والمستهلكين من سكنيين، وتجاريين، وحكوميين، وصناعيين للطاقة الكهربائية، ناهيك عن الخسارة الناجمة من عطب الأجهزة والمعدات المختلفة جراء الاستخدام غير السليم للطاقة الكهربائية والتي تعد في حد ذاتها سليمة وآمنة للعاقل والمتدبر وخطرة ومهلكة للجاهل والمستهتر.
إن الكثير من حالات الحرائق والانفجارات والإصابات البدنية المؤسفة كان يمكن تفاديها والوقاية منها لو أحسن المتعاملون مع الكهرباء – تمديدات وتركيبات وموصلات وأدوات وأجهزة ومعدات – من خلال مراعاة شروط سلامتها وتجنب مكامن أخطارها وتأمين وسائل التحكم بها والسيطرة عليها، سواء أكانت الكهرباء مولدة في محطات الكهرباء أم منقولة بواسطة خطوط النقل وشبكات التوزيع أو مستهلكة في مراكز أحمال المشتركين.
ولما كانت حياة الإنسان أغلى ما في الوجود وسلامته هي غاية بذاتها فسنبين في هذا المقال مكامن الأخطار الكهربائية، وسبل تجنبها، ومعالجتها عملاً بقول الرب تبارك وتعالى: “وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة” ﴿البقرة: ١٩٥)، وقوله جل وعلا: “وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا” ﴿النساء:٢٩﴾، وذلك ومن خلال أسلوب سهل ومبسط يحيط بالموضوع وبجوانبه الرئيسية ويبين المتطلبات التي حددتها التعليمات والإرشادات الصادرة من الجهات المعنية، وكذلك المواصفات القياسية المحلية والعالمية لتحقيق هذه الغاية.
أسباب وقوع الحوادث الكهربائية:
يمكن أن تكون الكهرباء سبباً في نشوب الحرائق وحدوث الانفجارات والوفيات لكثير من الناس فهي خطرة على كل من يجهلها وكل من يستهتر بها أو يهمل الشروط والتعليمات المرعية أثناء استخدامها والتعامل معها، فإذا توفر واحد أو أكثر من العوامل الرئيسة التالية وقعت حوادث بشرية مؤسفة وحصلت خسائر مادية جسيمة:
- إهمال تعليمات الأمن والسلامة الخاصة بالعمل الذي يقوم به العامل في موقع عمله مما يؤدي إلى إصابته أو إصابة غيره في موقع العمل.
- عدم التقيد بالتعليمات الخاصة بكيفية استخدام المعدة أو الجهاز الذي يستخدمه أو يركبه العامل مما يؤدي إلى تلف الجهاز أو إصابة العامل.
- تدني الثقافة الكهربائية ووجود معلومات مغلوطة ومفاهيم خاطئة عن الكهرباء واستخداماتها مما يؤدي إلى ارتكاب مخالفات قد تعرض مستخدمها أو أناساً آخرين في مواقع العمل للحوادث والإصابات والمخاطر الكهربائية.
- عدم تنفيذ العمل بالمهارة والكفاءة المناسبة بسبب ضعف الخبرة أو تدني التدريب مما يؤدي إلى خسائر بشرية أو مادية تنتج من سوء التنفيذ، أو التشغيل، أو الاستخدام.
الأعطال الكهربائية:
يمكن تحديد أنواع الأعطال الكهربائية حسب التعريفات التالية:
أعطال الدائرة الكهربائية المفتوحة: ويحدث عند انفصال أحد الموصلات الناقلة (الأسلاك) وعندها ينقطع التيار الكهربائي وتتوقف الآلات والأجزاء التي يغذيها هذا الموصل عن التحريك أو الإنارة، وهذا النوع قد لا يشكل خطورة تذكر إذ تعود الأجهزة والمعدات للعمل بمجرد إعادة توصيل الدائرة وسريان التيار الكهربائي.
أعطال قصر الدائرة: ويحدث عند تماس موصلين كهربائيين مختلفين أو أكثر فيما بينهما ويتسبب عن ذلك مرور تيار كبير وشديد الخطورة، وبسبب هذا التيار الكبير تعمل المصهرات (fuses) والقواطع (circuit breakers) على حماية الجهاز وذلك بفصل الدائرة (الجهاز الكهربائي) عن المصدر الكهربائي وبذلك يتم تجنب حصول حريق أو حدوث تلف للتمديدات والتركيبات الكهربائية.
تفتت وانهيار العازلية: ويحدث عند تلف جزء من مادة العزل البلاستيكية المغلفة للموصل الكهربائي الناقل مما يؤدي إلى حدوث تماس بين ذلك الموصل وهيكل الآلة ذاته، وتصبح الآلة عندئذ مصدر خطر لأنها تكهرب كل من يلمسها أو تلامسه (إذا لم تكن هناك أجهزة حماية تفصل التيار كقاطع الدائرة أو تغير مساره كالخط الأرضي)، وقد تسبب الوفاة – لا سمح الله – إذا كان ملامسها واقفاً على أرض رطبة أو كان ممسكاً بيده الأخرى أجساماً معدنية موصولة بالأرض.
توعية المستهلك لحمايته من أخطار الكهرباء:
تسعى شركات الكهرباء والإدارات المعنية في قطاع الكهرباء إلى وقاية المستخدم والمحافظة على سلامته وحماية معداته وأجهزته وممتلكاته ضد الأخطار الكهربائية وذلك في نشر التعليمات التي تهدف إلى توعيته وتبصيره للتعرف على طبيعة الكهرباء وسبل الحماية من كوارثها ومخاطرها المحتملة، لذا فإن تلك التعليمات تركز على تحقيق عنصر السلامة في التمديدات والتركيبات الكهربائية التي يتعامل معها المستخدم، فالتيار الكهربائي الذي يمد الأجهزة والمعدات بالطاقة الكهربائية يشتمل على خطرين رئيسيين هما: نشوب الحرائق ،وحدوث الصعق الكهربائي وذلك بسبب الأعطال التي أشير إليها آنفاً، وهذان الخطران مبينان كما يلي:
نشوب الحرائق: من واقع سجلات الإدارة العامة للسلامة بالمديرية العامة للدفاع المدني يتبين أن الكهرباء تأتي في مقدمة الأسباب التي تعزى إليها حوادث الحرائق وما ينجم عنها من وفيات وإصابات مؤسفة وخسائر وتكاليف جسيمة (أنظر الأشكال الثلاثة)، ولعل من أهم الأسباب الجوهرية وراء ذلك هو جهل الكثير من المستخدمين (مستهلكو الكهرباء) في التعامل مع الكهرباء إما عند تشغيل الأجهزة الكهربائية، أو بسبب رداءة تصميم وتدني تصنيع تلك الأجهزة، أو عدم الاهتمام من جانب المستخدمين بالقواعد السليمة والطرق الفنية في التمديدات والتركيبات الكهربائية، وكذلك اللامبالاة عند تحميل المقابس أكثر من طاقتها المقننة لها، وإذا لم يبادر بإخماد تلك الحرائق في مهدها فإنها تنتشر بشكل متسارع مخلفة وراءها مخاطر فادحة وخسائر باهظة في الأرواح والمعدات والممتلكات، ومما يساعد في اشتعالها وربما صعوبة السيطرة عليها في الوقت المناسب هو تواجد مواد قابلة للاشتعال أو الانفجار في مكان اشتعال الحريق أو بقربه، لذلك يجب اتخاذ كافة التدابير الوقائية من أخطار نشوب الحرائق بإزالة مسبباتها ومنع حدوثها أو تحقيق إمكانية السيطرة عليها في حالة نشوبها وإخمادها في أسرع وقت ممكن بأقل الخسائر وأدنى التكاليف، كما يجب أن نعي أنه عند حدوث حريق بسبب تماس كهربائي فيجب عدم إخماده بصب الماء مباشرة على الموصلات الكهربائية وهي في حالة توصيل بالمصدر بل يجب المبادرة أولاً بقطع الكهرباء مباشرة من مصدرها لأن صب الماء على الموصلات الكهربائية بوجود التيار الكهربائي يعتبر عملاً خطيراً حيث أن الماء لا يجدي في إخماد الحريق إلا بعد قطع التيار الكهربائي من منبعه.
الصعقة الكهربائية: إن أخطر ما تسببه حوادث التلامس الكهربائي هو تعرض الأشخاص للصعقة الكهربائية إذا لامسوا أسلاكاً مكهربة (تلامس مباشر) أو أجساماً حاملة للتيار نتيجة انهيار العزل (تلامس غير مباشر) مما ينتج عنه أضرار جسيمة لأولئك الأشخاص قد تصل إلى الحروق البليغة أو درجة الوفاة لا قدر الله، ومعلوم أن تعرض الشخص للخطر عند حدوث الصعقة الكهربائية إنما ينتج بسبب مرور التيار الكهربائي في جسمه وأن مقدار الضرر الذي قد يصيبه من جراء ذلك يعتمد على شدة ذلك التيار الكهربائي الذي تعرض له ومساره ومدة سريانه في جسمه هذا بالإضافة لصحته وعمره.
تأثير التيار الكهربائي على جسم الإنسان: نظراً للأهمية البالغة لهذا الموضوع فإن التعليمات المتعارف عليها تنص على أن مرور التيار الكهربائي في جسم الإنسان أو ما يسمى بالصعقة الكهربائية (electric shock) يسبب آثاراً حرارية وتحليلية وبيولوجية في جسم الإنسان، ويتمثل الأثر الحراري في الحروق التي قد تصيب الأجزاء الخارجية للجسم وكذلك سخونة الأوعية الدموية، ويتمثل الأثر التحليلي في تحلل الدم والسوائل الحيوية الأخرى الموجودة في جسم الإنسان مما يؤدي إلى إتلاف تركيبها الفيزيائي والكيميائي، ويتمثل الأثر البيولوجي في تهييج الخلايا العصبية والأنسجة الحية وإحداث تقلصات تشنجية غير إرادية للعضلات بما فيها عضلات القلب (الأذين والبطين)، والجهاز التنفسي (الرئتين) مما يؤدي لتمزق الأنسجة واختلال عمليتي التنفس ودورة الدم، وقد تختلف شدة تلك الآثار ودرجة خطورتها تبعاً لثلاثة عوامل رئيسية هي: (أ) مسار التيار في جسم المصاب (ب) شدة التيار المار في جسم المصاب (ج) الفترة التي يبقى المصاب خلالها تحت تأثير الصعقة، ويتفاوت الضرر الناتج عن الإصابة بالصعقة الكهربائية من حروق بسيطة إلى حروق شديدة ومن ارتعاشات عامة إلى شلل موضعي أو الوفاة، أما مسار التيار الكهربائي في جسم الإنسان فيتحدد بمنطقتين (أو نقطتين) هما مكان دخول التيار الكهربائي إلى جسم الإنسان ومكان خروجه من جسم الإنسان، وقد يكون هذا المسار قصيراً بين نقطتين على اليد أو القدم، أو قد يكون المسار طويلاً من يد إلى اليد الأخرى أو بين اليد اليمنى والقدم اليسرى أو القدم اليمنى، بيد أن المسار الأكثر خطورة هو من يد إلى يد عبر الصدر مروراً بالقلب أو الرئتين حيث قد تحدث الوفاة الفورية، كذلك تزداد خطورة الصعقة على جسم الإنسان بازدياد شدة التيار المار فيه مع ضعف بنيته وصحته، كما يزداد تأثيرها أيضاً بمدى رطوبة الجلد أو جفافه، أما تأثير التيار الكهربائي على جسم الإنسان والتغيرات البيولوجية التي تحدث نتيجة لفترات الصعقة الزمنية فيبينها الجدول التالي:
قيمة التيار (مللي أمبير) |
تأثير التيار على جسم الإنسان تبعا للفترة الزمنية |
أقل من 1 |
إحساس بسيط بسريان التيار ولكن دون أن يترك أثراً |
من 1 – 8 |
التقلص غير مؤلم للعضلات ويمكن التخلص من مصدر التيار من قبل الشخص المصاب ذاته |
من 8 – 15 |
التقلص مؤلم ولكن يمكن التحكم في العضلات ويمكن التخلص بدون مساعدة خارجية |
من 15 – 30 |
يشتد الألم ويفقد المصاب التحكم في العضلات ويحتاج لمساعدة خارجية |
من 30 – 50 |
يصبح الألم قوياً وتقلص العضلات شديداً والتنفس صعب جداً |
من 50 – 100 |
يحدث اختلال في وظيفة القلب يمكن أن يؤدي إلى الوفاة لدى بعض المصابين |
من 100 – 200 |
توقف القلب عن العمل والمساعدة الطبية لا تجدي غالباً |
أكبر من 200 |
حروق شديدة وتقلص تام لعضلة القلب |
الحد من مخاطر الصعق الكهربائي:
لتلافي الآثار الناجمة عن مرور التيار الكهربائي في جسم الإنسان أو ما يطلق عليه بـ “الصعقة الكهربائية” فإن هناك خطان دفاعيان يجب مراعاتهما لمواجهة مخاطر الصعقة الكهربائية أولهما العزل الكهربائي، وثانيهما التأريض، ونوردهما بشيء من التفصيل فيما يلي:
خط الدفاع الأول (العزل الكهربائي): ويعني به عزل الأجزاء المكهربة عن جسم الجهاز الخارجي أو يد المستخدم، ويمكن تصنيف أنواع العزل تبعاً لدرجة حمياتها، والغرض الذي يؤديه كل منها، وحدود قيم مقاومتها المسموح بها كما يبين ذلك الجدول التالي:
نوع العزل |
تعريفه والغرض منه |
أقل قيمة للمقاومة المسموح بها (مليون أوم) |
عزل أساسي |
عزل للأجزاء المكهربة يكفل الوقاية الأساسية من الصعقة الكهربائية |
2 |
عزل إضافي |
عزل مستقل يستخدم بالإضافة إلى العزل الأساسي يكفل الوقاية من الصعقة الكهربائية في حالة انهيار العزل الأساسي |
5 |
عزل مزدوج |
عزل يشمل كلا من العزل الأساسي والعزل الإضافي |
7 |
عزل مقوى |
نظام عزل مفرد للأجزاء المكهربة يكفل وقاية من الصعقة الكهربائية معادلة للعزل المزدوج |
7 |
ومن الجدول أعلاه يتضح أن مقاومة العزل هي المقياس الأساسي لمدى قدرة العزل على الوقاية من الصعقة الكهربائية والتي قد تتأثر نتيجة لأحد العوامل الآتية: الحرارة الناتجة عن التشغيل، الجهود الفولتية العالية، الغبار، الرطوبة (البلل والمطر مثلاً).
خط الدفاع الثاني (التأريض أوالسلك الأرضي): تنص كافة الأنظمة الكهربائية المختلفة وتعليمات السلامة على وجوب التأريض (Earthing)؛ وذلك لأهميته البالغة في حماية الإنسان ووقايته من الأخطار الكهربائية المحتملة بسبب الأخطاء التصميمية أو التشغيلية، أو العوامل الجوية، أو تفتت وانهيار العزل الذي يحققه خط الدفاع الأول المشار إليه آنفاً.
ويعرف “التأريض” بأنه: قطب أرضي يقوم بعملية توصيل الأجسام الموصلة الناقلة كهربائياً والتي هي غير مخصصة لنقل التيار الكهربائي مثل هياكل وأجسام الآلات والمحركات والحواجز الشبكية إلخ بالخط الأرضي أو بسلك نحاسي ينتهي إلى الأرض، والقطب الأرضي هو الطريق ذو المقاومة الأقل الذي يسمح بمرور التيار الكهربائي إلى الأرض وذلك عند حدوث عطل كهربائي بسبب انهيار المادة البلاسيتيكية العازلة في الآلات والأجهزة والأسلاك الكهربائية، لذا فإن الغاية من التأريض هو حماية الإنسان من الصعق الكهربائي لأن التيار الكهربائي المتجمع على جسم الآلات كالبرادة والغسالة يسلك الطريق الأسهل والأقل مقاومة عبر سلك الأرضي لأن مقاومته شبه معدومة مقارنة بمقاومة جلد الإنسان.
الإسعافات الأولية للمصابين بالصعقة الكهربائية:
إن الشروط الضرورية لإنجاح الإسعافات الأولية للمصاب بالصعقة الكهربائية هي: المعرفة الصحيحة والقدرات المتاحة والكافية على المبادرة بتقديم المساعدة في الوقت المناسب وبالسرعة الممكنة، ويجب أن يعرف من يقوم بعملية الإسعاف طرق كيفية إنقاذ المصابين بالصعقة الكهربائية وتخليصهم منها، وأن يكون قادراً على تضميد الكسور والجروح وإيقاف نزيف الدم وإجراء التنفس الاصطناعي ومساج القلب.
لذلك من الضروري الإسراع والمبادرة إلى تخليص الأشخاص من التيار الكهربائي، حيث إن شدة الحروق ودرجتها تتعلق بالفترة الزمنية للتيار الذي يتعرض له المصاب، وفي مثل هذه الحالات يجب معرفة ما يلي:
- في حالة ملامسة المصاب لسلك مكهرب وتعرضه لصعقة كهربائية فإن عضلاته تتقلص فتتشنج عندئذ أصابعه وتضغط على السلك مما يصعب معه فكاكه أو تخليصه منه إلا بعد فصل التيار الكهربائي.
- عند المبادرة بإسعاف المصاب يجب عدم ملامسة جسمه بدون وسائط حماية عازلة؛ لأن ذلك يعرض الشخص المنقذ للإصابة بنفس الصعقة الكهربائية وبالتالي تتعرض حياته للخطر، لذا يجب الإسراع بفصل التيار المغذي للأسلاك التي تعرض لها.
- عند ملاحظة أي شخص يتعرض لصعقة كهربائية فإنه يجب الاهتمام به والعمل على إنقاذه مهما كانت حالته لأن المصاب بالكهرباء قد يبدو فاقدا للوعي أو يبدو طبيعياً لم يتأثر بعد ولكن بعد بضع دقائق قد يسقط مغمياً عليه، ولإنقاذ حياة هذا الشخص المصاب يجب وضعه تحت المراقبة والإشراف الطبي وتقديم الأكسجين له أو إجراء تنفس صناعي له حتى يعود إلى وعيه.
- إذا كان المصاب قد عاد إلى وعيه بعد أن كان قد فقده نتيجة للصعقة الكهربائية فيجب وضعه في مكان مريح ودافئ ثم يفرش تحته ويغطى بأي نوع من أنواع الألبسة ويترك بهدوء دون إزعاج مع المراقبة المستمرة لتنفسه وعمل قلبه حتى يحضر الطبيب، ولا يسمح للمصاب بالتحرك أو متابعة العمل حتى ولو لم تبد عليه أي علامات سيئة بعد الإصابة.
- إذا فقد المصاب وعيه (حالة إغماء) مع استمرار عمل جهاز تنفسه وقلبه ففي هذه الحالة يجب تمديد المصاب على أرض مريحة وتفك عنه الأحزمة والألبسة الضيقة ويبعد عنه الأشخاص المحيطون به لتأمين استنشاق الهواء النقي ويؤمن له الهدوء التام، ويمكن تدليك جسد المصاب ورش وجهه بالماء أو تشميمه قطعة مبللة بالنشادر ريثما يحضر الطبيب.
- إذا كان المصاب لا يتنفس وتوقف قلبه عن العمل فمن الضروري في هذه الحالة العمل على إعادة الحياة له بطريقة إجراء عملية التنفس الصناعي والقيام بتدليك خارجي للقلب، ويجب التذكر بأن الفترة التي يمكن فيها إنقاذ حياة المصاب هي الفترة التي لا يزيد فيها توقف القلب عن 4-5 دقائق، لذا فإن تقديم الإسعافات الأولية يجب أن يكون بالسرعة القصوى وفي مكان الإصابة إن أمكن، أما في الحالة التي يصعب فيها إنقاذ المصاب في مكان الإصابة فيجب نقله فوراً إلى أقرب مكان مناسب (عيادة، مستوصف، مستشفى) لعمل الإسعافات اللازمة له ومحاولة إنقاذه.
التوصيات:
وفي الختام نخلص إلى أن الأمن والسلامة في المنشآت السكنية، والتجارية، والصناعية، والمؤسسات العلمية (المدارس والجامعات) ضرورة ملحة يجب تطبيق اشتراطاتها والعمل بقواعدها في المساكن، والمتاجر، والمكاتب، والمصانع، والمعامل، والمختبرات، وكافة المنشآت وكافة البيئات المهنية والمرافق الأخرى لما لها من دور فاعل ومؤثر في وقاية العاملين وحماية الأجهزة والمعدات والتقليل من الخسائر وتكاليف الإنتاج، وتطلعاً لإزلة الأسباب المؤدية للصعق الكهربائي أو نشوب الحرائق أو على الأقل التخفيف من الآثار الناجمة عنهما ومنها حدوث الانقطاعات الكهربائية وما ينجم عنها من حوادث ومشاكل أمنية، يرى الأخذ بالتوصيات التالية:
- تركيب أنظمة الإنذار من الحريق والتي تعمل عند ارتفاع درجة الحرارة عن حد معين أو عند استشعارها بوجود دخان ينشأ ويتكاثف في الوسط المحيط بها، وجدير بالذكر أن كثيراً من الدول المتقدمة تقوم بإلزام مواطنيها بتركيب مثل هذه الأنظمة في المنشآت وبيئات العمل لسلامة الأشخاص ووقاية المعدات والحفاظ على الممتلكات.
- تركيب مانعات الصواعق وبخاصة في المباني العالية و وظيفتها اختزال الصواعق البرقية الحاملة لشحنات كهربائية عالية وتحويل مسارها نحو الأرض بدلاً من اختراقها للمبنى وتدميره، ولهذه المانعات أنواع متعددة وأشكال مختلفة تتباين في الحجم وكيفية التركيب، ولا بد من الرجوع للمتخصصين والفنيين المعنيين بتوريدها وتركيبها.
- توفير وسائل لإطفاء الحريق في المنشأة وتدريب الأفراد على استخدامها بشكل يضمن المبادرة والسرعة والجاهزية وكذلك على كيفية التعامل مع نوعية الحدث: (حريق ناشىء عن تماس كهربائي، مواد كيماوية، غازات، سوائل، أثاث، أخشاب، ورق، أقمشة)، كما يجب أن نعي أنه عند حدوث حريق بسبب تماس كهربائي فيجب عدم إخماده بصب الماء مباشرة على الموصلات الكهربائية وهي في حالة توصيل بالمصدر بل يجب المبادرة أولاً بقطع الكهرباء مباشرة من مصدرها؛ لأن صب الماء على الموصلات الكهربائية بوجود التيار الكهربائي يعتبر عملاً خطيراً حيث إن الماء لا يجدي في إخماد الحريق إلا بعد قطع التيار الكهربائي من منبعه.
- حث الجهات الخاصة في القطاعات التجارية، والصناعية، والتعليمية، والخدمية على زيادة جهودهم في برامج السلامة الكهربائية الموجهة للمجتمع من منطلق المسؤولية المجتمعية، وذلك عن طريق إعداد وتكثيف مزيد من البرامج التدريبية والتأهيلية في مجال السلامة الكهربائية للعاملين في تلك القطاعات وفي برامج التوعية الموجهة للمجتمع بشكل عام.
- تقوم جهات معنية مثل مديرية الدفاع المدني ووزارة المياه والكهرباء بالتنسيق مع الجهات المعنية لإيجاد آلية مناسبة للإلزام بالفحص الدوري على المنشآت الحكومية بغرض التأكد من سلامة التمديدات والتركيبات الكهربائية وسلامة الأجهزة والمعدات التي تعمل بالكهرباء، وضمان إجراء عمليات الصيانة الوقائية لها بشكل دوري مجدول.
- حث الجهات الحكومية والصناعية وقطاع الطاقة الكهربائية على تكثيف التوعية المتخصصة بالسلامة الكهربائية، وأن تستهدف تلك البرامج تحقيق السلامة الكهربائية في مكان العمل والمنزل والمرافق العامة، وأن تستخدم فيها وسائل وتقنيات مبتكرة مثل المواقع التفاعلية، والمجلات الورقية والإلكترونية المتخصصة في السلامة الكهربائية، ووسائل التواصل الاجتماعي، وأن تكون الرسالة الإعلامية مبسطة وواضحة ويمكن قياس مفعولها وتأثيرها.
- تقوم الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة بالتعاون مع الجهات المعنية نحو إيجاد تنظيم متكامل ينسق الجهود الإدارية والفنية لمراقبة أسواق المملكة لتفادي تسويق الأجهزة الكهربائية الرديئة والمقلدة وغير المطابقة للمواصفات القياسية السعودية، بحيث تُجرى اختبارات على عينات عشوائية مسحوبة من الأسواق بمساعدة المختبرات الخاصة المتوفرة في المملكة وتعزيز دورها في هذا المجال، ووضع الإجراءات المناسبة للتعامل مع الأجهزة المخالفة.
- تتبنى وزارة المياه والكهرباء التنسيق مع الدفاع المدني لاستحداث أسبوع للسلامة الكهربائية، وتسليط الضوء فيه على التوعية والتثقيف داخل الجامعات والمدارس والمنازل وغيرها باستخدام كافة الوسائل الإعلامية المتاحة.
- تشكيل لجنة وطنية للسلامة الكهربائية من الجهات المعنية الحكومية والخاصة وتحت مظلة وزارة المياه والكهرباء؛ لتحقيق مزيد من التنسيق بين تلك الجهات لتوفير الأمن والسلامة لمستخدمي الكهرباء.
- العمل على إيجاد تنظيم متكامل لتأهيل العاملين لممارسة أعمال (تصميم وتنفيذ) التمديدات الكهربائية، كذلك التحقق من سلامة تنفيذها بما يتوافق مع بنود كود البناء السعودي ومتطلباته واشتراطاته.
- العمل على إيجاد مركز معلوماتي توعوي لتوفير المعلومات الإحصائية حول مخاطر الكهرباء؛ لاستخدامها كأداة لنشر التوعية بوسائل الحد والتقليل من تلك المخاطر.
- تطبيق المواصفات القياسية السعودية التي صدرت في شأن سلامة الأجهزة الكهربائية سواءً المصنعة محلياً أو المستوردة من خارج المملكة وذلك عن طريق فحصها واختبارها عند المنافذ الجمركية للتأكد من سلامة تصميمها وتصنيعها وعدم فسح أية أجهزة لا تتوافق مع تلك المواصفات القياسية الصادرة بشأنها؛ بغية الحد من مخاطرها وتجنب كوارثها حماية للأرواح وحفاظا للمعدات والممتلكات.
- إقامة ملتقيات وندوات وورش عمل علمية في رحاب الجامعات في مجالات السلامة ومن ضمنها السلامة الكهربائية يدعى إليها ويشارك فيها العاملون في مجال السلامة في الجامعات، حيث من المعلوم أن الجامعات تعتبر مقصداً وموئلاً لكثير من فئات الناس من: (طلاب/طالبات، أساتذة، موظفون، أطباء، باحثون، فنيون، إلخ)، وفيها الكثير من المرافق والمنشآت والتجهيزات من: (قاعات دراسية، مختبرات، معامل، معدات طبية، بنوك دم، أجهزة حاسوبية، مكتبات، صالات محاضرات، ملاعب ترفيه، مسارح، مطاعم، إلخ).
- عند تخطيط المنشأة فلا بد من توفير مخارج آمنة للإخلاء والإجلاء للعاملين في المبنى في حالة حدوث نشوب حرائق.
وأخيراً علينا أن ندرك بأن الكهرباء نعمة من النعم التي أفاء الله بها علينا وأنها ربما تصبح صديقاً ودوداً أو عدواً لدوداً، فينبغي علينا إذن أن نعي حسن استخداماتها والتعامل معها لننعم بها من جهة ونتقي كوارثها وأخطارها المدمرة من جهة أخرى.