تخطى إلى المحتوى

إطلالات على تخطيط نظم القوى الكهربائية: دراسة التنبؤ بالأحمال

التعريف بالتنبؤ بالأحمال وأهدافه:

فى صناعة الكهرباء وتحديداً فى مجال التخطيط الإستثمارى أو الاستراتيجى (أي غير التشغيلى)، يشير مصطلح “التنبؤ بالطلب على الكهرباء” (Electricity Demand Forecast) أو ببساطة “التنبؤ بالأحمال ” (Load Forecast) إلى دراسة التوقعات المستقبلية لنمو الطلب على الطاقة الكهربائية خلال السنوات القادمة بهدف تحديد متطلبات التوسع فى النظام الكهربائى القائم (محطات إنتاج الكهرباء وشبكات النقل والتوزيع) سواءً من حيث المهمات المطلوبة أو الإستثمارات المناظرة المطلوب اعتمادها وتوفيرها. ونظراً لاحتياج محطات الإنتاج إلى عدة سنوات لإنشائها فضلاً عن الوقت اللازم لأعمال التخطيط والتصميم وتوفير التمويل اللازم، فإن هذا النوع من التخطيط أو التنبؤ يكون ذا نطاق طويل المدى (Long-term Forecast) وتبلغ مدته 10 سنوات على الأقل (20 سنة فى كثير من الحالات).

ولكل سنة من سنوات الخطة يتم تحديداً دراسة توقعات كل من (مخرجات التنبؤ):

  • إجمالى الطاقة المطلوبة (Total Energy Requirement) لتغطية الحمل الأقصى للشبكة زائد فائض مناسب وهو بالأساس الطاقة المنتجة (Energy Generated) من محطات الإنتاج التابعة لمؤسسة الكهرباء بالإضافة إلى – إن وجدت – الطاقة المشتراة (Energy Purchased) من الغير سواء داخل النطاق الجغرافى لعمل المؤسسة (مثل كبار المشتركين بالصناعة الذين لديهم وحدات إنتاج خاصة يبيعون الفائض منها للشبكة) أو خارجه (مثل الربط الكهربائى الدولى).
  • إجمالى الطاقة المستهلكة (Total Energy Consumption) من جميع قطاعات الإستهلاك بداخل النطاق الجغرافى لعمل المؤسسة. وقد يتم تحديد الطاقة المستهلكة بكل قطاع استهلاك على حدة (سكنى – تجارى – صناعى – زراعى – مرافق عامة – حكومى) وهو الأفضل بالطبع.
  • الحمل الأقصى للشبكة (System Peak Load).

ويتم التعبير عن الطاقة بوحدة ميجاوات ساعة (MWh) أو جيجاوات ساعة (GWh) أو تيراوات ساعة (TWh) أما الحمل فيتم التعبير عنه بوحدة ميجاوات (MW) أو جيجاوات (GW).

العوامل المؤثرة على التنبؤ بالأحمال:

يعتمد التنبؤ بالأحمال على مجموعة من العوامل التى تؤثر فيه بل وتشكله (Driving Factors) وهى (على سبيل المثال لا الحصر):

  • العوامل الإقتصادية (Economic): مثل الناتج المحلى الإجمالى (Gross Domestic Product, GDP) ودخل الفرد.
  • العوامل السكانية (Demographic): مثل عدد السكان وعدد الأسر.
  • عوامل الطقس (Weather): مثل درجة الحرارة والرطوبة.
  • المشروعات الوطنية الكبرى (Mega Projects).
  • النمط التاريخى للاستهلاك (وهو بذاته ناتج لعوامل أولية).
  • تغلغل (Penetration) الأجهزة والمعدات الكهربائية والتطور التقنى لها.
  • برامج إدارة الطلب على الطاقة (مثل برامج ترشيد وكفاءة الطاقة وتشمل معايير وملصقات كفاءة الطاقة للأجهزة والمعدات الكهربائية وتحسين سلوك المجتمعات والأفراد تجاه استخدام الكهرباء”Behavior-based Energy Efficiency” وبرامج استجابة الطلب “Demand Response” وغيرها).
  • التحول من وإلى استخدام الكهرباء (مثال: سخانات المياه التى تعمل بالغاز الطبيعى فى حالة “من” والمركبات الكهربائية فى حالة “إلى”).

وللحصول على نتائج دقيقة لدراسة التنبؤ بالأحمال يلزم التعرف على جميع العوامل المؤثرة عليه وأن تتوافر البيانات التاريخية الدقيقة لهذه العوامل لعدد كافى من السنوات وكذلك بيانات الاتجاهات الاقتصادية والسكانية والتقنية وغيرها بما يتيح تطوير نموذج جيد (Demand Forecast Model) يربط بين مخرجات التنبؤ والعومل المؤثرة.

الطرق المستخدمة فى التنبؤ بالأحمال:

توجد عدة طرق للتنبؤ بالأحمال ونشير هنا إلى نوعين رئيسيين وهما:

1- نماذج السلاسل الزمنية (Time-Series “TS” Models):

يدرس هذا النوع من النماذج الأنماط السابقة للبيانات التاريخية (مثل نمط الاستهلاك) مع توقع المستقبل (أى التنبؤ به) بناءً على الأنماط الكامنة فى هذه البيانات وهى:

  • الإتجاه (Trend): ويقصد به الإتجاه العام لتغير البيانات نحو الزيادة أو النقصان خلال الفترة.
  • التغير الموسمى (Seasonality): ويقصد به تأرجح البيانات بالزيادة وبالنقصان نتيجة للعوامل الموسمية (مثل درجة الحرارة) خلال العام فى الأغلب، وهو ذو تردد ثابت ومعروف.
  • التغير الدورى أو دورات التغير (Cycles): ويقصد به تأرجح البيانات بالزيادة وبالنقصان خلال فترة طويلة المدى نتيجة لعوامل اقتصادية بالأساس، وهو ذو تردد غير ثابت وغير معروف (قترة التأرجح لاتقل عن عامين فى الأغلب).
  • التغيرات العشوائية (Random Variations): ويقصد به تغير البيانات بصورة عشوائية وغير متوقعة خلال الفترة مع عدم وجود نمط واضح (أى تغيرات لا يمكن تفسيرها).

هذا ويحتوى العديد من السلاسل الزمنية على الأنماط الثلاثة الأولى، وعند اختيار طريقة للتنبؤ يلزم فى البداية تحديد أنماط السلاسل الزمنية فى البيانات ثم اختيار الطريقة المناسبة التى يمكنها التعبير عن هذه الأنماط بشكل صحيح.

2- نماذج الإقتصاد القياسى أو النماذج الإيكونومترية حسب التعريب (Econometric Models):

يجمع هذا النوع بين النظرية الاقتصادية والأساليب الإحصائية للحصول على نظام معادلات للتنبؤ بالطلب على الكهرباء تعبر عن العلاقات السببية بين الطلب وهو فى هذه الحالة يسمى المتغير التابع (Dependent Variable) والمتغيرات الاقتصادية الأخرى مثل الناتج المحلى أو دخل الفرد أو أسعار الطاقة أو تغلغل الأجهزة والمعدات وكذلك بيانات عدد السكان وغيرها وفى هذه الحالة تسمى المتغيرات المستقلة أو غير التابعة (Independent Variables).

ولإعداد التنبؤ عند جانب الطلب (الإستهلاك) يلزم إعداد معادلة لكل قطاع استهلاك على حدة تربط استهلاك الطاقة لهذا القطاع بالعوامل المناسبة له، فعلى سبيل المثال:

Residential Electricity Consumption= f(Income per Capita, Population, Average Electricity Price)

أى أن استهلاك القطاع السكنى (السنوى) هو دالة فى دخل الفرد (السنوى) وعدد السكان ومتوسط سعر الكهرباء (للقطاع السكنى)، وكما هو متوقع يزداد الاستهلاك بزيادة دخل الفرد وزيادة عدد السكان (علاقة طردية) وينخفض الاستهلاك بزيادة متوسط سعر الكهرباء (علاقة عكسية).

وجدير بالذكر أنه توجد عدة طرق لتقييم دقة نتائج التنبؤ (Forecast Accuracy).

المراجع:

  • DOUGLAS C. MONTGOMERY, CHERYL L. JENNINGS, MURAT KULAHCI, Introduction to Time Series Analysis and Forecasting, John Wiley & Sons Inc., 2008
  • Swasti R. Khuntia, José L. Rueda, Mart A.M.M. van der Meijden, Forecasting the Load of Electrical Power Systems in Mid- and Long-term Horizons: a Review, IET Journals, Link

كاتب

  • د. شاهر أنيس

    حاصل على درجة الدكتوراة فى هندسة القوى والألات الكهربائية من كلية الهندسة - جامعة القاهرة فى عام 1996 ومشارك فى الإشراف على عدد من رسائل الدكتوراة والماجستير بالجامعات المصرية فى تخصصى الجهد العالى وتخطيط نظم القوى الكهربائية. خبير فى مجال تخطيط الطاقة الكهربائية وبصفة خاصة فى مجالات إدارة الطلب على الطاقة وبحوث الأحمال والتخطيط المتكامل للموارد والتنبؤ بالأحمال وتدقيق الطاقة وتقدير التكلفة والتسعير. مؤلف ومشارك في تأليف أكثر من 80 تقرير وورقة بحثية حول مواضيع مختلفة لتخطيط أنظمة الطاقة وكذلك أكثر من 20 بحث فى مجال هندسة الجهد العالى بالإضافة إلى كتابة المقالات بالمجلات والمواقع المهنية المتخصصة.

    View all posts