المرونة في محطات الطاقة المتجددة

واحدة من تحديات مشغلي شبكات الكهرباء هو الموازنة بين جانب التوليد وجانب الاستهلاك، كلما ذادت المرونة والتحكم في كل من الجانبين زادت قدرة مشغل الشبكة على إيجاد التوازن بينهما الذي يؤدي بدوره الى استقرار الشبكة وخفض تكلفة الكهرباء.

تطرقنا في مقالات سابقة عن مرونة جانب الطلب وعن استخدام الذكاء الصناعي لزيادة المرونة في جانب الطلب وفي هذا المقال سنتحدث عن المرونة في جانب التوليد وخاصة بالنسبة للتوليد من مصادر الطاقة المتجددة.

تنقسم مصادر الكهرباء من حيث مرونتها الى قسمين مصادر حَشُود وهي  ال(dispatchable sources) ومصادر غير حَشُود وهي ال(Non-dispatchable sources).

المصادر الحَشُود تتميز بسرعة وصولها من حالة الإطفاء التام الى التحميل الكامل اما المصادر غير الحَشُود فلا يمكن ايقافها وتشغيلها مرة أخرى في زمن بسيط. وكل ما زادت سرعة حشد الطاقة للمصدر زادت مرونته واستجابته للتغيرات في جانب الطلب في شبكة الكهرباء. وأيضا المصادر الحَشُود يمكن برمجة وترتيب دخولها وخروجها من الشبكة بسهولة على حسب احتياج سوق الطاقة.

محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح تعتبر مصادر غير حَشُود لا يمكن التحكم بها وبرمجتها بسهولة وهذه من اهم التحديات دمجها في شبكات الكهرباء حيث تحتاج الشبكة الى مصادر أخرى لتغطية الطلب بصورة عاجلة الى حين دخول هذه المصادر مرة أخرى الى الشبكة في حالة حدوث أي خلل والاضطرار الى اطفاءها إطفاء تام.

يمكن استخدام محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح للحمل الأساسي baseload واضافة المحطات التقليدية كمصادر حشود ومرنه لتغطية الحمل الكهربائي المتغير بسبب تغير الطلب وأيضا بسبب الطبيعة المتغير لمصدري الشمس والرياح. الشكل 1 يوضح الفرق بين استخدام المصادر الحشود كمصدر أساسي في العام 2012 وكمصدر مرن في العام 2020 في برلين – المانيا. من الشكل يتضح ان استخدام المصادر الحشود لتغطية التباين بين التوليد والاستهلاك يؤدي الى استقرار اكبر في الشبكة واستخدام اكثر كفاءة لجميع المصادر.

الشكل 1: استخدام المصادر الحشود لتغطية التباين بين التوليد والاستهلاك

من امثلة المصادر الحشود المحطات الحرارية بكافة أنواعها ومحطات الطاقة المتجددة التي تحتوي على نظم تخزين (البطاريات والتخزين بالضخ وطاقة الكتلة الحية).

التفريق بين النوعين يعتمد أساسا على الزمن من بدء تشغيل المحطة حتى الوصول للحمل الكامل، ويختلف هذا الزمن اعتمادًا على التكنولوجيا المستخدمة والوقت بعد التشغيل السابق. على سبيل المثال، يمكن إجراء “بدء التشغيل الساخن” بعد بضع ساعات من الإغلاق السابق، بينما يتم إجراء “بدء التشغيل البارد” بعد بضعة أيام من عدم التشغيل.

تعتبر البطاريات أسرع المولدات في الشبكة حيث يمكن تحميلها في مللي ثانية. اما محطات الطاقة الكهرومائية غالبًا ما يمكن تحميلها في عشرات الثواني إلى الدقائق، ويمكن لمحطات الغاز الطبيعي التحميل في عشرات الدقائق. تتكون محطات الطاقة ذات الدورة المركبة من عدة مراحل بأوقات بدء تشغيل متفاوتة مع أكثر من 8 ساعات مطلوبة للوصول إلى الطاقة الكاملة من الحالة الباردة. تحتاج محطات الطاقة النووية الى زمن طويل حيث يستغرق بدء تشغيل بضعة أيام في حالة البدء البارد.

لمحطات الطاقة الحشود العديد من المميزات التي تؤهلها للعمل كنظام هجين مع مصادر الطاقة المتجددة للوصول الى شبكات كهرباء أكثر استدامة وكفاءة، من هذه المميزات:

  • توفير دوران احتياطي وبالتالي إمكانية التحكم في التردد.
  • موازنة نظام الطاقة الكهربائية (متابعة الحمل).
  • تحسين توزيع التوليد الاقتصادي (ترتيب الأفضلية للأقل سعرا).
  • المساهمة في تخفيف ازدحام الشبكة (إعادة التوزيع) .

مع هذه المميزات يمكن للشبكة التي تجمع بين مصادر الطاقة المتجددة والمصادر الحشود ان تتصف بالمرونة التي تمكنها من:

  1. مطابقة الحمل: التغيرات البطيئة في الطلب على الطاقة بين الليل والنهار، والتغييرات في الإمداد أيضًا نتيجة لاستخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، حيث يجب أن يظل النظام متوازنًا دائمًا
  2. مطابقة الذروة: فترات زمنية قصيرة يتم خلالها تجاوز الطلب للطاقة المنتجة من محطات مطابقة الحمل؛ يتم تحقيق توليد قادر على تلبية هذه الذروات في الطلب من خلال النشر السريع لمصادر الطاقة الحشود.
  3. أوقات التشغيل: الفترات التي يتم خلالها استخدام مصدر بديل لدعم الوقت المطلوب من محطات الفحم الكبيرة أو الغاز الطبيعي للوصول إلى إنتاجها الكامل؛ يمكن نشر هذه المصادر البديلة للطاقة في غضون ثوانٍ أو دقائق للتكيف مع الصدمات السريعة في الطلب أو الإمداد التي لا يمكن تلبيتها بواسطة مولدات مطابقة الذروة.
  4. تنظيم التردد:  التغيرات في إنتاج الكهرباء المرسلة إلى النظام قد تؤثر على جودة واستقرار نظام النقل نفسه بسبب تغير تردد الكهرباء المنقولة؛ المصادر المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية تكون متقطعة وتحتاج إلى مصادر طاقة مرنة لتخفيف تغيراتها في إنتاج الطاقة.
  5. الدعم للمولدات الأساسية: على سبيل المثال محطات الطاقة النووية مجهزة بأنظمة أمان مفاعلات نووية يمكنها إيقاف توليد الكهرباء في أقل من ثانية في حالات الطوارئ فتقوم الملدات الحشود بالدعم حتى اعادة التشغيل.

سنتطرق الى استخدام الذكاء الصناعي وتعلم الالة في عملية ترتيب مصادر طاقة الحشود في مقال لاحق بإذن الله.

 

مشاركة المقالة على :
فيسبوك
منصة 𝕏
لينكدن
واتساب
البريد الاكتروني