تخطى إلى المحتوى

حرب التيار المستمر و المتردد AC vs DC

بدايات تطور الكهرباء لم تكن واضحة المعالم إنما كانت التجربة و البحث و التطوير في تلك الأيام هو ما يحكمها، ففي عام 1800 أخترع أليساندرو فلوتا أول بطارية كهربائية و أُطلِق مصطلح فولت تيمناً به، ثم تتابعت التطورات حتى قام توماس أديسون في عام 1878 بإنشاء شركة و شراء براءات إختراع و توظيف الكثير من المختصين و نجحوا بحلول عام 1880 بإختراع مصباح كهربائي يدوم 1200 ساعة، كان أديسون و فريقه يعملون على نظام التيار المستمر DC و بحلول عام 1882 نجحت شركة أديسون (التي أصبحت فيما بعد شركة General Electric) في إنشاء محطة بيرل ستريت للطاقة و التي يمكنها توفير الطاقة ل 5000 مصباح بنظام التيار المستمر.

مصباح أديسون المتوهج

و لعدم إمكانية تحويل الجهد بالتيار المستمر مباشرة كانت المولدات قريبة جداً (أقل من كيلومتر) من مراكز الأحمال و يتم توليد الكهرباء بجهد 110 فولت،ثم نقله بنفس الجهد لتلك المصابيح بالإضافة لوجود طاقة مفقودة أثناء النقل، و لأن الأسلاك الكهربائية لها سعة نقل محدودة اضطروا لاستخدام كميات كبيرة منها نظراً لأن الأحمال الكهربائية للمصابيح ليست متباينة كان النظام مناسباً لاحتياجاتهم و لم يكن قابلاً للنمو و التوسع الكبير.

خلال تلك الفترة كانت تقنيات توليد التيار المتردد قد نضجت بشكل جيد و محولات القدرة تطورت أيضاً، ثم قام نيكولا تسلا (الذي عمل لعدة سنوات لدى أديسون خلال ثمانينيات القرن التاسع عشر) بتطوير نظام كهربائي متكامل مبني على التيار المتردد، كان نظام تسلا متعدد الأطوار يعتمد على محولات القدرة لتحويل الجهد حيث يتم إنشاء محطات توليد بعيدة قليلاً و ثم استخدام المحولات لرفع الجهد ثم نقله و خفضه عند وصوله لمركز الحمل و توزيعه.

كانت مدينة نيويورك مسرحاً للتنافس بين النظامين الكهربائيين، فبعدما عرض نيكولا تسلا النظام الجديد سارع جورج ويستنقهاوس (ما زالت شركة ويستنقهاوس Westinghouse تصنع المعدات الكهربائية إلى يومنا الحاضر) لشراء براءات إختراع و توظيف نيكولا تسلا في شركته الجديدة التي ستعتمد نظام التيار المتردد في عام 1888، في ذلك الوقت تم إنشاء محطة لتوليد الطاقة بالتيار المتردد و تبعد عدة كيلومترات ثم استخدام المحول لرفع الجهد إلى 500 فولت ثم نقله و عند وصوله لمركز الحمل يتم خفضه ل 100 فولت لاستخدامه لإنارة المصابيح، و في غضون سنوات قليلة كان لدى شركة ويستنقهاوس 68 محطة للتوليد بنظام التيار المتردد، ولدى شركة أديسون 121 محطة توليد بنظام التيار المستمر بالإضافة لدخول مستثمرين آخرين و لكن الفاعلين الرئيسين هما شركتي ويستنقهاوس و أديسون.

كانت الشركات توفر نظاماً متكاملاً يشمل محطات التوليد و توصيل الأسلاك و صناعة المصابيح المناسبة للتيار المستخدم بالإضافة لبيع الطاقة الكهربائية، بدأ التنافس على السيطرة على السوق الجديد كان أديسون و مؤيديه يرون أن نظام AC غير آمن و قد حدثت خلال تلك السنوات عدد من الوفيات و الإصابات، بينما كان ويستنقهاوس و تسلا يقولون أن نظام DC لا يمكنه التوسع و مواكبة التطورات الحضرية و نمو المدن و بالتالي فتكاليفه عالية جداً مقارنة مع نظام التيار المتردد AC، استمرت الحرب بين أنصار النظامين على كل المستويات و من ذلك الأرواق العلمية و في الإعلام و حاول أنصار التيار المستمر إظهار خطورة التيار المتردد على العامة و أثره الكبير على السلامة رغبة منهم في إصدار تشريع من السلطات يمنع استخدامه.

و مع مرور السنوات و ارتفاع الطلب على الطاقة الكهربائية و نشوء شركات في مدن أخرى بدأت مزايا نظام AC تظهر بقوة و منها مواكبته مع متطلبات السوق و اقتصاديات الحجم (Economy of scale)، و اضطرت شركة أديسون للرضوخ للأمر الواقع في بداية تسعينيات القرن التاسع عشر 1890s و قامت بدخول مجال التيار المتردد باستحواذها على إحدى الشركات الصغيرة و بذلك تكون الحرب انتهت، و لكن استمرت قلة من الشبكات تعمل على نظام التيار المستمر لعشرات السنين حتى منتصف القرن العشرين.

كاتب